إزاء الجرائم المتعلقة بقتل النساء، يقف الإعلام اللبناني في كل مرة، إما متفرجاً أو «مشاركاً» (من دون أن يدري) في الجرم، أو مستغلاً لها لكسب الإثارة، خصوصاً في ما يسمى البرامج الاجتماعية. أول من أمس، كنا على موعد مع مقتل خمس نساء في شهر واحد، طويت صفحاتهن وقضاياهنّ، وتحوّلن مجرد أرقام، وانضممن الى عشرات النساء اللواتي لقين الحتف نفسه. التعاطي الإعلامي السلبي مع قضايا العنف و«جرائم الشرف»، لم يرق بعد الى حافة المهنية، إن لم نحمّله مسؤولية المساهمة في تكوين الوعي والثقافة المجتمعية، لما له من دور مؤثر على هذا الصعيد.
الأسبوع الماضي، أقدم فادي عجمي على قتل زوجته، طعناً بالسكين في منطقة «جدرا» (قضاء الشوف)، بعدما استدرجها الى هناك. وفي اليوم الثاني، دفنها في منطقة «الرميلة». ويوم الخميس الماضي، قام بتمثيل جريمته أمام وسائل الإعلام، واحتلت روايته وتبرير جريمته الشنيعة مكاناً خصباً في الإعلام اللبناني.
عجمي برّر قتل زوجته بأنه كان نتيجة «الضغط» الممارس عليه اجتماعياً من «الأقارب» و«الأصدقاء».

قال إنّ زوجته «جلبت العار للعائلة». وبهيئة «المتمسكن»، أضاف القاتل (بأسى) أن «الخيانة صعبة». كلامه أخذ مساحة في التقارير التلفزيونية من دون أي مسافة نقدية، وظل يتردد على مسامع من شاهدها. عزلت هذه التقارير العنف الممنهج الذي يطال النساء ويؤدي الى قتلهن بطرق شنيعة، وأبرزت رواية القاتل، التي عادة ما يلجأ اليها المجرمون، لتبرير فعلتهم. قناة otv ذكرت تفاصيل تمثيله للجريمة وأعطت مساحة لتصريحه. «الجديد» بدورها ذكرت في تقريرها (عفيف الجردلي) الذي بثته في نشرتها المسائية تفاصيل الحادثة، مع تكرار كلام الرجل التبريري للجريمة، وتغييب رواية الطرف الآخر.
هكذاً، وضمن تقارير تلفزيونية، أو حتى مواد إلكترونية متفرقة، مرت جريمة «جدرا» مرور الكرام كغيرها من الجرائم المماثلة. «قتل رجل زوجته لأنها قامت بخيانته». انتهت الرواية، وبُرِّرت الجريمة، وطويت الصفحة، كما جرائم سابقة. مرة أخرى، يتورط الإعلام في هذه التغطيات، ويظهر عجزاً عن تطبيق أقل القواعد المهنية. وبالطبع، سنشهد لاحقاً جرائم مشابهة، تواكبها تغطيات إعلامية، تصفق للقاتل من حيث لا تدري، وتعلن عن مشاريع ضحايا جدد من النساء!

فادي عجمي مثل جريمة قتل زوجته في جدرا