يجيد يوسف الشريف لعبة المسلسلات تماماً. يعرف فعلياً من أين تؤكل الكتف. وللموسم الرمضاني الرابع على التوالي، يقدّم الممثل المصري للجمهور العربي وجبةً دراميةً تشويقية تختلف عن كل ما يقدّم في شهر الصوم. ينجح الشريف في تقديم مسلسله «لعبة إبليس» (كتابة إنجي علاء، وسيناريو عمرو سمير عاطف، وإخراج شريف اسماعيل). تقوم القصة على العلاقة الدرامية المخيفة بين أخوين (يؤدي دوريهما شريف)، أحدهما ثريٌ يترأس قناة تلفزيونية، والثاني ساحر فقير يحلم بتقاسم الثروة مع أخيه غير الشقيق، الذي لا يعترف بحقّه في الثروة.
قد تبدو القصة سهلةً وبسيطة، لكن لا شيء هكذا بالنسبة ليوسف الشريف. فالقصة التي تجمع الفقير «أدهم» بأخيه «سليم» أعقد من هذا بكثير، فيقرّر قتله ووراثة كل شيءٍ يمتلكه. وفي سبيل هذه الغاية، يتّفق مع إحدى سكريترات شقيقه ذات الماضي الأسود (شيري عادل)، لمساعدته في قتله عبر دسّ السم له. يعتقد حينها بأنّ العالم أصبح ملك يديه: مليارات كثيرة، ومحطة تلفزيون، والبرنامج السحري العملاق الذي كان يحلم بإنتاجه بات سهل التحقق. يتكسّر كل شيء بسرعة بالغة وبأحداث أكثر من مشوّقة حين يعلم أنَّ لشقيقه زوجة (هبة مجدي) ويحقّ لها تقنياً وقانونياً أن ترث كل شيء. ليست هذه المشكلة الوحيدة، فالجميع ــ تقريباً ــ في القناة يرفض التعامل معه على أساس أنّه وريثٌ شرعي وذو خبرة أو حقٍ في أيّ شيءٍ.
تمتاز القصة بأنّها واحدة من أكثر القصص سبكاً التي قدّمتها الدراما المصرية خلال الأعوام العشرة المنصرمة. ففي كل حلقةٍ مفاجأة كبيرة. وبكلمة مفاجأة نحن نعني فعلاً مفاجأة من العيار الصادم. أضف إلى كل هذا أنّ طبيعة الشخصيات في العمل غير مسطحة البتة، ولديها ماضٍ معيّن تتصرّف على أساسه. الكل شريرٌ وطيّب. حتى الشرير له تصرّفات بطولية محببة، وحتى مرغوبة: لكن في النهاية يمكن للمال والسلطة والنفوذ أن يغيّروا الجميع ويحوّلونهم إلى وحوشٍ كاسرة.

قدّم المخرج
عروضاً سحرية حقيقية، وسيطر على الممثلين



لجهة التمثيل، يقدّم الشريف أداء رائعاً في دورَيْه. في دور الشقيق الأكبر الثري والذكي في التعامل مع كل ما حوله، هو رجل تكتيك يحسب كل شيء بدقةٍ بالغة، حتى أنّه يختار موته والتوقيت الذي يريده. يتكلّم بجدية بالغة، وهو قليل الابتسام، ويتحدّث دائماً بطريقةٍ فوقية قيادية. أما الشخصية الثانية، فهي مزيج بين شخصية الساحر الأميركي كريس آينجل (شكل الشعر، طريقة اللبس، تصوير خدع سحرية مع الناس في المقاهي). لكن في الحوار، يستعمل لغة أقرب إلى شخصية القرصان جاك سبارو التي قدّمها الممثل الأميركي جوني ديب، من خلال السخرية والمزاح. يبدو أنّ الشريف قد بذل جهداً هائلاً في «لعبة إبليس»، الأمر الذي يخوّله فعلاً ليكون واحداً من أفضل ممثلي هذا العام (بعد خالد الصاوي في مسلسل «الصعلوك»).
لا شك أنّ باقي نجوم المسلسل بذلوا جهداً كبيراً أيضاً، فظهرت التونسية فريال يوسف في دور النجمة التلفزيونية صاحبة البرنامج المعروف. كما أدّى محمد رياض دور المحامي المحنّك الذي لا يوفّر وسيلة للوصول إلى مبتغاه. بدورهما، أثبتت شيري عادل وهبة مجدي أنّهما قادرتان على تأدية أدوارٍ ملتبسة بسهولة، وهذي نقطةٌ تحتسب لصالحهما.
تقنياً، يبدو المخرج شريف إسماعيل قادراً على تقديم عروض سحرية حقيقية في «لعبة ابليس»، باعتبارها جزءاً لا يتجزّأ من العمل الدرامي. كما امتاز بسيطرة جيّدة على الممثلين وعلى الفواصل الصوتية كما الصورية بين المشاهد.

«لعبة إبليس» يومياً 9:30 صباحاً بتوقيت بيروت على قناة «المسلسلات»