قبل اشهر، بدأت وسائل الإعلام الخليجية والسعودية تروّج لصورة أخرى عن السعودية، صورة الانفتاح و«الإسلام الوسطي» على حد قول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. ترافق هذا الترويج مع الإعلان عن رفع الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات، كما إقامة حفلات غنائية تشهدها المملكة للمرة الأولى منذ عقود. خطوة فتحت ملفّ الغناء مرة أخرى بعدما لفته دائرة «التحريم»، مع أنّ السعودية عاشت موجة فنية بارزة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وشهدت ولادة نجمات لا يعرفهن الجيل الجديد أبرزهن فاطمة إبراهيم بشيت التي عرفت بالخالة «كوكا». وفي أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، هبت رياح الصحوة السلفية وتسلّمت زمام الأمور وقضت على كل معالم الحياة والفن. ومع رفع الحظر اليوم عن إقامة الحفلات الفنية، أعلنت «الهيئة العامة للترفيه» في السعودية الأسبوع الماضي عن «رزنامة الترفيه» التي تضمّنت حفلات للعراقي كاظم الساهر واليوناني ياني في سهرات ستقام في الرياض وجدّة.

يحيي صاحب أغنية «أنا وليلى» للمرة الأولى في تاريخه، حفلتين في جدة والرياض يومي 28 و29 كانون الاول (ديسمبر) المقبل. أما عازف البيانو اليوناني، فسيطلّ في أربع سهرات، إذ يقدم اثنتين في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي والأول من كانون الأول في جدة، واثنتين في الرياض يومي 3 و4 كانون الأول. لكن هذا الاعلان قسم رواد السوشال ميديا السعوديين بين مؤيّد للحفلات ومعارض لها بلهجة عنيفة.

انقسام حاد على مواقع
التواصل الاجتماعي

تحت هاشتاغ #الشعب_يرفض_حفلة_كاظم، بدأ المغرّدون يحذّرون من تلك السهرات، واصفين إياها بأنها بمثابة «لعنة ستكون أضرارها على شكل زلازل وبراكين ستعصف بالمملكة!». في المقابل، اقترح بعضهم على من يريد «متابعة الحفلات أن يسافر خارج المملكة حيث تتوافر هناك بدل إقامتها على أرضنا». أصوات قليلة دافعت عن السهرات المنتظرة، بخاصة أن حفلات بعض النجوم الخليجيين منهم محمد عبده وأحلام تقام على أرض المملكة منذ زمن (ذات طابع خاص)، فما المانع من حضور الفنان العراقي واليوناني؟ هذا الانقسام الحاد بتلقّي خبر «رزنامة الترفيه» ليس جديداً. فقد سبق أن أعلنت «الهيئة العامة للترفيه» عن حفلة لشيرين عبد الوهاب الشهر الماضي، قبل أن تتراجع وتلغي الأمسية التي كانت ذات طابع إنساني (لدعم إحدى الجمعيات التي تعنى بالسرطان) من دون أن تكشف عن الأسباب. على الضفة الأخرى، يبدو أنه سيكون للفنانين اللبنانيين حصة في تلك السهرات. فقد سافر ميشال فاضل إلى جدة أمس لإحياء حفلتين اليوم وغداً في «مدينة الملك عبدالله الاقتصادية». هي السهرة الفنية الأولى للملحن وعازف البيانو اللبناني، وقد تلقى دعوة من إحدى الشركات المنظّمة لحضوره. اللافت أن سهرة فاضل تقام تحت شعار «للعائلات فقط»!
في المحصلة، يبدو أنّ بن سلمان مصرّ على تسويق صورة جديدة للمملكة مشابهة لصورة الإمارات، رغم حلقة المنع والحظر التي فُرضت على المجتمع السعودي لعقود، حتى اعتاد على حفلات تكسير الأعواد التي كان الدعاة يقيمونها كل سنة.