تونس | قبل ما يقارب الساعة من عرض «قضيّة رقم 23» ضمن فعاليات الدورة 28 مهرجان «أيّام قرطاج السينمائيّة»، تجمهر أوّل من أمس العشرات من أنصار «الحملة التونسيّة لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيونيّ» أمام قاعة سينما «الكوليزيه» في العاصمة، مردّدين شعارات رافضة لعرض الفيلم ومندّدين بتطبيع مخرجه اللبناني زياد دويري مع «إسرائيل».
قبل أيام من انطلاق «أيام قرطاج السينمائيّة»، وجّهت الحملة رسالة مفتوحة لإدارة المهرجان طالبت فيها بعرض «قضيّة رقم 23»، وحذفه من المسابقة الرسميّة وحذف كلّ المواد المرفوعة على الموقع الرسمي للمهرجان والتي من شأنها إشهار هذا العمل، إضافة إلى عدم قبول أيّ فيلم لدويري مُستقبلاً في حال لم يُقرّ بالخطأ الذي قام به والاعتذار علناً للشعوب العربية كافة «التي عانت وما زالت تعاني من الممارسات الفاشيّة للكيان الصهيونيّ اللقيط»، وذلك بسبب انتقال المخرج «للعيش في تل أبيب لمدّة 11 شهراً حيث تعامل مع ممثّلين وتقنيين ومنتجين إسرائيليين لإنتاج فيلمه «الصدمة» (2013)... لقد دافع عن ممارساته التطبيعيّة ولم يتراجع عن موقفه، معتبراً ما قام به أمراً طبيعياً».
إدارة الحدث الذي يُختتم غداً السبت لم تتجاوب مع الرسالة، وبقيت الأمور على حالها، الأمر الذي دفع إلى نقل احتجاجها إلى الشارع. جاءت الخطوة التصعيديّة بعد بيان دعت فيه الحملة فعاليّات طلابيّة وشبابيّة إلى «المشاركة الفعّالة في التحرك الاحتجاجيّ»، مناشدةً أعضاءها وكلّ أنصار فلسطين في تونس «التركيز في المعركة الراهنة على إقناع الجمهور بضرورة مقاطعة الفيلم (...) وتفادي الوقوع في فخّ الاستفزازات الممكنة من طرف أنصار التطبيع الساعين إلى حرف جوهر القضية عن طابعه الوطني التحرّري الواسع إلى معركة وهميّة حول حريّة الفنّ وحريّة الاختيار الفرديّ».
لم تحصل استفزازات بين المحتجين والراغبين في مشاهدة الفيلم، وعلى الرغم من بعض التشنّجات مع الأمن الذي كان حاضراً، إلاّ أنّه كان لكلّ طرف ما أراد. وفيما علت الأصوات المستنكرة في خارج «الكوليزيه»، استهزأ بطل «قضية رقم 23» اللبناني عادل كرم من المتظاهرين قبيل انطلاق العرض!
لكن المثير للاهتمام هو تعامل الإعلام التونسي مع الموضوع. فمع تفادي غالبية المؤسسات ذكر بيان الحملة والغاضبين من عرض الفيلم، التقطت إذاعة «شمس» المسألة وأساءت التعامل معها. حسب التوضيحات التي نشرها غسان بن خليفة، الصحافي وعضو في «الحملة التونسيّة لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيونيّ»، طلبت هذه الإذاعة منه إجراء مداخلة خلال أحد برامجها صبيحة أوّل من أمس لتوضيح موقف الحملة ونقاش مختلف وجهات النظر، غير أنّها لم تمنحه الكثير من الوقت تاركة اثنين من العاملين في البرنامج يمضون في «حرف النقاش المطروح حول التعامل مع المطبعين إلى ضرورة تقييم الأعمال فنيّاً والابتعاد عن شعارات من قبيل تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، ما أدّى إلى سيطرة وجهة نظر واحدة»، على حد قول بن خليفة.
قضيّة زياد دويري ليست فريدة من نوعها في تونس، فقد سبقتها قبل أشهر احتجاجات واسعة على برمجة عرض الفيلم الأميركي «المرأة الخارقة» الذي تؤدي بطولته ملكة جمال «إسرائيل» سابقاً غال غادوت التي خدمت في جيش الاحتلال أيضاً. وقد تبع الاحتجاجات حينها قرار قضائي بمنع عرض الشريط وأيّ إعلان خاص به.