يمكن للحالة أن تظهر في تفاصيل صغيرة. ربما في تسكير الباب والعودة مجدداً، أكثر من مرة، للتأكد من أنه مغلق حقاً ولم يبق مفتوحاً. القلق الذي يتسلل بخفة إلى حياتنا اليومية وإلى أكثر الأفعال روتينية، جمع الممثلة اللبنانية يارا بو نصار مع الراقصة السويسرية آنالينا فروليخ في عملهما المشترك «نفس عميق» (Everything is Just Fine) الذي يبدأ عند الثامنة والنصف من مساء الليلة ويستمر حتى مساء الأحد 29 تشرين الأول (أكتوبر) في «ستايشن» (جسر الواطي ــ بيروت).
التعاون الأول بين الفنانتين بدأ في بيروت سنة 2015، قبل أن تنطلق التدريبات الفعلية العام الفائت في العاصمة وفي مدينة بيرن السويسرية، حيث عرضت المسرحية للمرة الأولى على مسرح «توجو رايتشولي» الشهر الماضي.
درجات مختلفة من العنف يمكن أن تحيط بفنانة لبنانية وأخرى سويسرية، ناتجة عن الظروف العامة المتباعدة للبلدين وموقعهما. تقول بو نصّار إن «هذا الاختلاف بين التجربتين والحياتين الفرديتين حاضر في العمل، لكننا نتجاوز حالتي الشرق والغرب الأشمل»، مضيفة أن «هذا ما فرض علينا أن نعثر على لغة فنية مشتركة». اختلاف يحضر أولاً في الصيغة النهائية للنص المشترك الذي كتب باللغات الألمانية والعربية والإنكليزية (مرفقاً بترجمة إنكليزية). صحيح أن «نفس عميق» قد يصلنا برمزيات العنف العامة في العالم، إلا أنه ينطلق من مطارح أكثر فردية بعيداً عن تجسيداته السياسية المباشرة.

باد كونكا سيعزف معهما مباشرة
على المسرح

يظهر العرض القلق الذي يسكن حياتنا اليومية نتيجة عنف مباشر وآخر متخفٍّ، ودرجاته التي قد تصل إلى هوس يجعلنا نربي عادات معينة لا واعية. ضمن هذا المسار تدور المسرحية بين عالم حقيقي وآخر متخيّل أو واهم، في موازاة ثنائية الواقع والافتراضي التي تتحكمّ بحياتنا، وثنائية الحركة الطبيعية التلقائية وتلك المحددة مسبقاً التي يخضع لها أداء بو نصار وفروليخ. بين بيروت وبيرن، جرت التمرينات على العرض ومراحله بطريقة عملية وفق بو نصار. أولاً هناك مرحلة البحث التي استندت إلى تجارب حقيقية لأشخاص يعانون من الخوف والتوتر، بالإضافة إلى شهادات بعض الأطباء النفسيين. استخدمت الفنانتان أدواتهما الفنية المتنوعة لبناء العمل نصاً وحركة برفقة موسيقى باد كونكا الذي سيعزف معهما مباشرة على المسرح. وسط فضاء أبيض (سينوغرافيا وملابس: رومي سبرغسغوث ــ تصميم إضاءة: لولا روزاروت)، سنشاهد الشابتين معاً، تتفرجان على التلفزيون أو تمسكان بأسلحة ألعاب، أو تحمل واحدة منهما الأخرى. في عالم كهذا، يحاول الثنائي تتبع تأثير العنف على أجسادنا وعلاقتها مع الآخر، وتعاطينا الواعي واللاواعي مع الخوف نفسه، وكيفية التعبير عنه على وسائل التواصل الاجتماعي. هناك تفاصيل كثيرة تركت مفتوحة أمام الجمهور الذي سيتاح له أن يشاهد الممثلتين في تفاعلهما وصراعاتهما وهواجسهما على الخشبة، ابتداء من مساء الليلة.

«نفس عميق»: 20:30 مساء اليوم حتى الأحد 29 تشرين الأول (أكتوبر). فضاء Station (جسر الواطي ــ بيروت). للاستعلام: 71/684218




الخشبة مكانها الأثير

بعد مشاركتها السينمائية الأولى في بطولة فيلم «اسمعي» لفيليب عرقتنجي، تعود يارا بو نصار مجدداً إلى المسرح الذي شهد معظم تجاربها السابقة. عملت الممثلة اللبنانية مع إيلي يوسف على نص لريمون جبارة في عرض «آدم في جنّة بلا ثمر» (2011)، كما قدّمت مع يوسف مجدداً عملهما المشترك كتابة وإخراجاً وأداء «عندي سمكة ذهبية» (2013). أما مسرحيتها الأخيرة مع الموسيقي باد كونكا، فحملت عنوان «بيت بلدي: حكايات مدن بلا حيطان» (2015 ــ كتابة وإخراج وأداء بو نصار). منذ تخرجها من قسم المسرح في الجامعة اللبنانية، شاركت في مسرحيات تحت إدارة مخرجين آخرين في أعمال عدة مثل «الزير سالم والدكتور فاوست» لشكيب خوري، و«ماشي أون لاين» لخلود ناصر، و«حمام عمومي» لعايدة صبرا، و«اليوم الأول» لوسام عربش، و«الملك يموت» لفؤاد نعيم.