تونس | لم يتوقف الجدل الأخلاقي والسياسي والاجتماعي الذي أثاره مسلسل «حكايات تونسية» منذ حلقته الأولى حتى نهاية رمضان. أخيراً، التحقت «الهيئة العليا المستقلة للإتصال السمعي البصري» بهذا الجدل. الهيئة التي تعدّ السلطة المرجعية والقانونية الأولى في تونس في كل ما يتعلق بالإعلام، أصدرت أخيراً «لفت نظر» لإدارة قناة «الحوار التونسي» التي تبث العمل، معتبرة أنّه تضّمن مشاهد صادمة للمشاهد التونسي بخاصة الأطفال.
وجاء في لفت النظر أنّ الهيئة ترى أنّ المسلسل «يحتوي على مضامين من شانها أن تكون صادمة لبعض الفئات الاجتماعية، إلى جانب تكريس صورة نمطية للمرأة. كما أن بعض هذه المضامين من شأنها أن تؤثر بشكل سلبي على فئة الأطفال والمراهقين، بخاصة أنّ المسلسل يعرض في وقت الذروة». ودعت الهيئة إلى القائمين على المحطة وصنّاع العمل إلى الكتابة «على كامل الشاشة بخط واضح «هذا البرنامج غير مناسب للأطفال دون سن 12» لمدة 10 ثوان قبل عرض حلقة المسلسل». كما دعت إلى عدم عرض المسلسل قبل الساعة التاسعة مساء.
وتعددت ردود الفعل إزاء موقف الهيئة. بعض الناشطات اعتبرن الخطوة إيجابية ولو جاءت متأخرة، بينما رآها آخرون مؤشراً سيئاً إلى التدخل في مضامين الإنتاج التلفزيوني باسم «الأخلاق» التي تعتبر «مفهوماً نسبياً». في هذا السياق، اعتبرت الجامعية البارزة والناشطة في الحركة النسوية ألفة يوسف أنّ اعتراضها على المسلسل ليس لمضمونه أو تضمنه مشاهد صادمة، بل «لضعف السيناريو» واعتبرته: «تافهاً غير جدير بالبث، إذ يخلو من مقومات الإبداع».

وصف بأنّه يقدّم
صورة مشوّهة عن المرأة ويثير النعرات الدينية

أما منظمة «نساء وريادة» التي ظهرت بعد «14 يناير 2011» لتثمين الكفاءات النسائية، فقد أصدرت بياناً طالبت فيه بايقاف بث المسلسل لأنّه «اعتداء على مكاسب المرأة التونسية وتشويه لصورتها»، معتبرة أنّ المسلسل يندرج في سياق «تدمير تونس». ولم تنسَ الإشارة إلى «مسألة إثارة النعرات الدينية في العمل والحديث عن مشكل مع الديانة اليهودية، وهذا شيء خطير جداً يوحي بأنّ مَن صنع هذا العمل له أجندات غير معلومة وأنّ هذا العمل ليس إلا أداة جديدة لتدمير تونس الحضارة والثقافة وبث الفتنة». علماً أنّ «حكايات تونسيّة» يصور حياة ثلاث صديقات من وسط اجتماعي متفاوت، لكل منهن حكاية وخيبة ومعاناة موسيقيّة. فالأولى تكتشف خيانة خطيبها وتدخل في حالة خيبة عاطفية. أما الثانية فتعيش حالة تمزّق بين رغبة عائلتها في تزويجها وصورة فارس أحلامها، والثالثة نموذج المرأة المطلّقة المقبلة على الحياة بكلّ حريّة.
رغم هذه الاحتجاجات المتنوعة الأبعاد والأسباب، ما زالت قناة «الحوار التونسي» تبث المسلسل في أولى التجارب الإخراجية التلفزيونية لندى المازني حفيّظ بعد فيلمها اليتيم بالعنوان نفسه الذي أنتجته في مصر. وكان رجل الأعمال حمدي المؤدب الذي يعد من أبرز أثرياء تونس ورئيس «الترجي الرياضي» التونسي أعرق الفرق الرياضية المحلية، قد سحب الإعلانات لمنتوجاته من الحليب ومشتقاته التي كان يقدمها للمسلسل احتجاجاً على مضمونه.