منذ خروج طلال المقدسي، المدير المؤقت لـ «تلفزيون لبنان» في أيار (مايو) الماضي، بعد عزله من قبل وزير الإعلام ملحم رياشي، والأجواء المتشنجة التي رافقت تلك المرحلة، ما زالت حاضرة بقوة اليوم. انقسام حاد بين الموظفين، أثّر مباشرة، على سير العمل داخل المؤسسة الرسمية. وزاد الطين بلّة، تعليق البتّ في ملف تعيين مدير جديد للتلفزيون، ومجلس إدارة، الذي ظلّ أسير التناتش بين فريقي «القوات»، و«التيار الوطني الحر»، رغم أن مسار التعيين أتبع للمرة الأولى لـ «مجلس الخدمة المدنية».
أجواء الترهل ما زالت تخيم بقوة، على أروقة الشاشة الرسمية، حتى بعد انتخاب نقابة موظفي التلفزيون، التي جرت يوم الاثنين الماضي، وتنافست خلالها لائحتان، وأفضت النتائج الى خلط أوراق بينهما. إذ ربح أربعة أعضاء من أصل ستة في اللائحة الأولى، وخَرق عضوان في الثانية (ندى صليبا/ النقيبة السابقة، وريمان ضو)... لترسو النقابة على أسماء مكوّنة من جميع الأطياف السياسية وحتى الطائفية: إبتسام عكوش، ندى صليبا، ريمان ضو، محمد رحمة، وأسامة جمل، ريمون كميد، على أن يعقد هؤلاء يوم الاثنين المقبل جلسة لانتخاب الرئيس وهيئة مجلس النقابة مع الأعضاء السابقين.

طلب وزير الإعلام نسخاً من
أرشيف المعارك بين «القوات» والجيش في التسعينات


غياب ربّان سفينة «تلفزيون لبنان»، طيلة هذه الأشهر، أسهم في شلّ الشاشة الرسمية، حتى إنّ رواتب الموظفين ومستحقاتهم من سلسلة الرتب والرواتب، لم يحصلوا عليها هذا الشهر، بسبب غياب المدير العام. وعلمنا أنّ هناك شيكات لصالح التلفزيون موجودة في الشركة (إعلانات، تأجير أعمدة إرسال..)، لا يمكنها أن تدخل الحسابات المصرفية للسبب عينه، وتحتاج لتوقيع إداري. وهذا الأمر بالتأكيد سيؤدي الى نقص في السيولة ويؤثر مباشرة على الرواتب.
يضاف الى هذا الأمر، الخلل الحاصل في إقرار إعادة هيكلة جديدة في الأقسام، وترقية عدد من الموظفين، لا سيما التقنيين منهم، الذين هدّدوا أخيراً، بإيقاف تصوير أحد البرامج للضغط نحو إقرار صفتهم الوظيفية هناك. علماً أن البديل موجود بحكم القانون والدستور اللبناني، وهو مفوض الحكومة في التلفزيون مدير عام وزارة الإعلام حسان فلحة، ولديه صلاحيات بإدارة دفّة الشاشة في انتظار تعيين المدير الجديد.
في سياق مختلف، يبدو أن وزير الإعلام ملحم رياشي، بدأ «يتمدّد» قواتياً هذه المرة داخل القناة الرسمية، إذ علمنا أن حفل «مؤسسة مي شدياق» المزمع إطلاقه في 12 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، سيستعين بسيارة النقل المباشر SNG للتلفزيون بشكل مجاني، مع أن ناقل الحفل ــ أي lbci ـــ أخذت حصتها المادية جراء هذه الخدمة. السيارة التي تعدّ من أحدث المعدّات التقنية، لا تتحرك الا بإذن مباشر من رياشي، واليوم تذهب الى «مهمة خاصة» من دون أي مقابل. علماً أن هذه السيارة رافقت تغطية أهم المهرجانات والأحداث في لبنان أخيراً (مهرجان ذكرى تغييب الإمام الصدر، تشييع الشهداء العسكريين...)، وتقوم بتوزيع هذه الصورة على بقية القنوات اللبنانية، الى جانب نقل نشاط القصر الجمهوري، و«عين التينة». وحديثاً، علمنا أنه سمح للقناة دخول «بيت الوسط»، لنقل نشاط رئيس الحكومة سعد الحريري وبثه الى باقي القنوات.
الى جانب استخدام رياشي مجاناً سيارة النقل المباشر الحديثة، كان مقرراً تخصيص برنامج لمدير «ستاتستكس ليبانون»، ربيع الهبر، المعروف بإدارته لماكينة «القوات» الانتخابية، على أبواب الانتخابات القادمة. وبعد أصوات اعترضت على هذا المبدأ، حكي عن «توازن» ستقوم به المحطة بين الهبر، ومدير «مركز بيروت للأبحاث والمعلومات» عبدو سعد. ولعلّ الأمر الأكثر غرابة وحيرة، ما سرّب عن طلب وزارة الإعلام، نسخاً من كل الأشرطة الأرشيفية المتعلقة بمعارك «القوات»، والجيش في مطلع التسعينيات من دون معرفة سبب هذا الطلب!