«طيف المدينة» كان بداية لقائنا، وكنا مجموعة من الشباب نبحث عن المدينة، عن مدينتنا الفاضلة، ونفتش عن لغة تنقل رغبتنا في الحياة، فكانت السينما هي اللغة التي اصطلحناها لتجمعنا، وانطلقنا «نادي كل الناس» فضاءً يحمل حيوية تطلعاتنا ومساحة للحوار لنقله فضاء بين الجامعات، في بيروت العاصمة، والأرياف، في جنوب لبنان، وشماله وفي بقاعه، والجبل والمخيمات الفلسطينية.
جان بعفويته كان داعماً لنا وأهدانا «طيف المدينة» فيلمه الذي غدا بساطاً ننتقل من خلاله في جولاتنا. حضوره واحتضانه الأبوي أعطيا مبادرتنا زخماً كمساحة للحوارات والنقاشات تحمل رؤية للغد الذي نريد.
هو جان الإنسان والسينمائي والملتزم الذي كانت القضية الفلسطينية حاضرة دائماً في مسيرته. كيف لا وهو مِمَن أسسوا «المؤسسة العامة للسينما الفلسطينية» مع الراحل مصطفى أبو علي، وشكلت أفلامه الوثائقية مادة لذاكرة نضالات الشعب الفلسطيني من خلال فيلم «أنشودة الأحرار»، و«تحت الانقاض» و«بيروت جبل الحرب» وأيضاً كوثيقة لتجربة صمود ونضال اللبناني ومقاومته من خلال أفلامه «زهرة القندول» و«حنين الغودول» و«أحلام معلقة». وسيظل شريط الذاكرة دائماً حاضراً في وجدانه يوثق مغالبه الإنسان، فتراه في آخر أفلامه وقد استحضر شخصيات فيلمه «أحلام معلقة» إلى عدسته في فيلمه الأخير «مصابيح الذاكرة» بعد عشر سنوات، لتكون مصابيح لبناء ذاكرة لتجربة الحرب الأهلية اللبنانية لطالما وثّقها سينمائياً، وكان كما عودنا دائماً يعطينا شرف أن نقدم فيلمه، فكان العرض الأخير.
* مؤسس ومدير «نادي لكل الناس»