للسنة التاسعة على التوالي، تنطلق اليوم في «متروبوليس أمبير صوفيل» تظاهرة «أسبوع النقاد 2015 ــ مهرجان كان» من تنظيم جمعية «متروبوليس» والمعهد الفرنسي في لبنان. هذه الاستعادة البيروتية لأسبوع النقاد في «كان»، تشمل عرض مجموعة من الأفلام الطويلة والقصيرة، يفتتحها الليلة فيلم «الفوضويون» للفرنسي إيلي واجمان. «الفوضويون» (2015) من بطولة أديل اكزاركوبولس، والممثل الفرنسي الجزائري طاهر رحيم المعروف بدوره في فيلم «نبي» لجاك أوديار الذي حاز عن أدائه جائزة «سيزار».
تدور أحداث الشريط في فرنسا سنة ١٨٩٩ حيث يكلف اللواء جان ألبرتيني بالتجسس على مجموعة من الفوضويين. مع الوقت، يصبح ألبرتيني متنازعاً بين عمله والتعاطف الذي يشعر به تجاه هذه المجموعة والعلاقات المختلفة التي يكوّنها مع أفرادها. يعرض أيضاً ضمن التظاهرة «بولينا» (7/7 ـ 2015) الحائز «جائزة نيسبرسو الكبرى» ضمن أسبوع النقاد في «كان». إنّه الشريط الروائي الطويل الثاني للارجنيتي سانتياغو ميتري الذي يجسد اهتمامه بالنضال الإجتماعي كما في فيلمه السابق «حكاية الشباب المتمرد» الذي يصور الحركة الطلابية. لكن في «بولينا»، يطرح مسألة أكثر جدلية. يروي الفيلم قصة بولينا التي تقرر ترك مهنة المحاماة، لتعمل كمعلمة للعلوم السياسية في إحدى المدارس في المناطق الفقيرة والنائية. قرار يعارضه والدها بشدة لكنها تصر على الذهاب لاقتناعها بأنّ تلك هي الوسيلة الوحيدة لإحداث تغيير حقيقي. تصطدم في البداية بتمرد الطلاب الذين يرفضون الإصغاء لها، لكنها تظل تحاول، إلى أن تتعرّض للتحرش ثم الإغتصاب على يد مجموعة من الشبان يتضح أنهم تلامذتها. هي تتعرف إليهم، لكنها ترفض إخبار الشرطة، بل تقرر أن تعود إلى عملها في المدرسة نفسها، والاحتفاظ بالجنين التي تحمله، ثمرة الاغتصاب رغم استغراب كل المحيطين بها. يبدو موقف بولينا مثالياً إلى درجة التطرف، ويصعب فهم دوافعها النفسية. هي من جهة تنفي أو ترفض أن تشخَّص بمتلازمة استوكهولم حين تتعاطف الضحية أو تتماهى مع جلادها أو معنفها، وتصر على أن موقفها نابع من إيمانها بالمبادئ التي أتت لأجلها. هو الحوار مع الآخر، لا محاكمته، كما عندما تذهب إلى مغتصبها وتطلب لقاءه. الجدل الذي يطرحه المخرج هو نقطة قوة الشريط، بالإضافة إلى اللغة السينمائية التي يصوّر عبرها وجهات النظر المختلفة التي تعايش بها الشخصيات الحدث ذاته.

يعرض فيلم إيلي داغر
«موج» الذي حاز عنه سعفة «كان» لأفضل شريط قصير

من كولومبيا، يعرض فيلم «الأرض والظل» (13/7 ـ 2015) للكولومبي سيزار أوغستو آسيفيدو. هو فيلمه الطويل الأول الذي حاز عنه جائزة الكاميرا الذهبية في «مهرجان كان»، بالإضافة إلى ثلاث جوائز أخرى ضمن أسبوع النقاد. يروي الفيلم قصة مزارع كولومبي مطلَّق يعود إلى عائلته بعد سنوات طويلة إثر مرض ابنه. في الشريط ذي الحوارات المقتضبة، تروي اللغة السينمائية ألم الفقدان والانفصال الذي كما يقول المخرج عايشه بعد وفاة والدته في حين أنّ والده كان بمثابة شبح. كان هذا الفيلم وسيلته لاستعادة تلك الوجوه الأحب إلى قلبه التي فقدها، حتى ذاكرتها باتت بعيدة عنه. من الأفلام المثيرة للاهتمام من ناحية تصويرها للواقع الفلسطيني شريط «ديغراديه» (16/7) للشقيقين طرزان وعرب ناصر (محمد وأحمد أبو ناصر) الذي عرض ضمن أسبوع النقاد. يصوّر العمل العالم النسائي داخل أحد صالونات الحلاقة في غزة، وهو مستوحى من قصة حقيقية حدثت في القطاع عام ٢٠٠٧ وإن تبدو سوريالية. يومها، سرقت إحدى العائلات أسداً من حديقة الحيوانات ورفضت إعادته متحدية سلطة «حماس». إثر ذلك، نشب اشتباك مسلح بين العائلة والحركة، ما أدى إلى حبس النساء في صالون الحلاقة لساعات. الفيلم من بطولة هيام عباس وممثلات أخريات أغلبيتهنّ غير محترفات. من الأفلام القصيرة المنتظرة أيضاً «موج ٩٨» (20/7) للبناني إيلي داغر الحائز جائزة السعفة الذهبية لأفضل فيلم قصير في «مهرجان كان» الأخير وسيعرض للمرة الأولى في لبنان.
أيضاً، نشاهد «الصديقان» (8/7) الباكورة الروائية الطويلة للويس غاريل المعروف كممثل فرنسي. يصور الفيلم مثلثاً عاطفياً ينشأ بين صديقين يغرمان بامرأة واحدة، بما يتشابه إلى حد ما مع مسرحية «أمزجة ماريان» لألفريد دو موسيه الذي سبق وأدى فيها غاريل دوراً حين كان مراهقاً. نشاهد أيضاً في التظاهرة الدراما الكوميديا الفرنسية «أكبر من الحياة» (17/7) للمخرج ماثيو فادبييه، ومن الولايات المتحدة «كريشا» (10/7) لتراي ادوارد شلتس، و«لا الأرض ولا السماء» (15/7) لكليمان غوكيتور، والفيلم الكوري الجنوبي «فتاة الخزنة العامة» (12/7) لهان جون هي الذي يروي قصة طفلة يُعثر عليها في إحدى الخزنات العامة بعد تخلي أهلها عنها. أمر شاع في كوريا واليابان والصين، وأدى إلى وفاة الكثير من الأطفال في الثمانينات والتسعينات.

* «أسبوع النقاد 2015»: بدءاً من اليوم حتى 20 تموز (يوليو) ــ «متروبوليس أمبير صوفيل» (الأشرفية ـ بيروت) ـ للاستعلام: 01/204080