بعد أيّام على إطلاقه في الصالات اللبنانية في الأسبوع الأخير من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، قفز فيلم «يلّا عقبالكن شباب» (كتابة وإنتاج نيبال عرقجي، وإخراج شادي حنا ــ 109 د.) إلى صدارة شبّاك التذاكر، محتفظاً بمكانته في الصفوف الأمامية مع مرور الوقت.
الفيلم الكوميدي ــ الاجتماعي هو الجزء الثاني من شريط «يلّا عقبالكن» (كتابة وإنتاج نيبال عرقجي، وإخراج إيلي خليفة ــ 100 د.) الذي حقق العام الماضي نجاحاً لافتاً، ولا سيّما أنّه ابتعد عن «السذاجة» التي ترافق جزءاً لا بأس به من الأعمال السينمائية التجارية اللبنانية. غير أنّ الفيلم الجديد الذي لا يزال في السينمات المحلية، ليس تكملة لأحداث سابقه. فالجزء الأوّل، ركّز على أربع بطلات (ندى أبو فرحات، مروى خليل، دارين حمزة ونيبال عرقجي)، يشكلن عيّنة عن أربع عازبات يعشن في المجتمع اللبناني، وتملك كل منهن رؤية مختلفة للعلاقات مع الجنس الآخر.

شخصيات ولغة واقعية، رغم المبالغة والكليشيهات



أما في هذا الجزء، فانتقلت الكاميرا إلى المقلب الآخر لتستعرض حكايات أربعة رجال، اثنان منهم متزوّجان (طلال الجردي في دور «حاتم»، وفؤاد يمين في دور «زياد») والآخران عازبان (بديع أبو شقرا في دور «وليد»، ودوري السمراني في دور «مازن»)، وكيفية تعامل كل منهم مع شريكته ونظرته إلى العلاقات. طلال الجردي طبيب معروف متزوّج بـ«نينا» (نيبال عرقجي) وليس لديهما أولاد. في الظاهر، يبدو هذا الثنائي نموذجياً، لكن في الحقيقة يعاني من مشاكل كبيرة بسبب معاناة الزوج من مرض النهام العصبي (البوليميا). فؤاد يمين متزوّج حديثاً بـ«مايا» (دارين حمزة»)، ولهما طفلة رضيعة. الرجل ليس سعيداً في زواجه، فزوجته نموذج للمرأة «النكدة» والسطحية والمتعصّبة التي لا تأبه لمشاعر زوجها وتعامله بطريقة سيئة، ما يدفعه إلى إقامة علاقة مع صديقتها (مروى خليل).
يظهر دوري السمراني في شخصية «كازانوفا»، إذ لا يستطيع الكفّ عن مواعدة النساء والتخلّص من إدمانه على الجنس. صديقته «مايا» (ندى أبو فرحات) الغارقة في حبّها له، تُدرك خيانته لها لكنّها تسكت طويلاً على أمل أن يتغيّر. أما بديع أبو شقرا، فعازب ثري يبحث عن شريكة عمره، إلا أنّه يفشل في إيجاد المرأة المناسبة.
النماذج القريبة من الناس والمواقف الكوميدية واللغة والحوارات والكاركتيرات الواقعية، إضافة إلى نجوم العمل المحبوبين، كلّها عوامل تزيد من شعبية الشريط وحظوظه. لا شكّ في أن التسلية ترافق المشاهد طوال الوقت رغم بعض الإطالة في البداية، لكن الجزء الجديد يفتقر إلى انسجام العناصر الذي برز في سابقه، ولا سيّما على صعيد الحبكة التي لم تخلُ هذه المرّة من الكليشيهات.
المبالغة واللامنطقية برزتا جلياً في «يلا عقبالكن شباب»، وتحديداً في الفتيات اللواتي يحاول بديع أبو شقرا مواعدتهن، حتى بلغ به الأمر حدّ اليأس، قبل أن تنجح علاقته بـ«نور» التي تنهي علاقتها بـ«مازن» وتوافق على الزواج به. معظم الفتيات إما يردن استغلاله مادياً، أو سطحيات لا يأبهن إلا للمظاهر والقشور، وهذا تعميم لاواقعي! صحيح أنّ أداء الممثلين جيّد ومقنع، غير أنّ الافتقار إلى إدارة الممثلين واضح أيضاً، فكل منهم/نّ قدّم دوره بأسلوب مألوف يعرفه الجمهور جيّداً، من دون أن تكون هناك مفاجآت تُذكر. لكن يبقى الأداء الأبرز هو لفؤاد يمين الذي أثبت مجدداً قدراته التمثيلية، خصوصاً الكوميدية (حين نام على الأرض وراح يمرغ نفسه بالتراب لإقناع زوجته لاحقاً بأنّه كان في رحلة صيد طيور). يذكر أنّ الشريط سجّل أيضاً إطلالات لجوليا قصّار، وغسّان الرحباني (صاحب موسيقى الفيلم)، ومي سحّاب، وسينتيا خليفة، وبولين حدّاد...
في النهاية، نحن أمام تجربة جديدة ومسلية في السينما التجارية اللبنانية يمكن البناء عليها للخروج من دوّامة الأعمال السطحية والمنسلخة عن الواقع.

*«يلّا عقبالكن شباب»: صالات «غراند سينما» (01/209109)، «أمبير» (1269)، «فوكس» (01/285582)، «سينما سيتي» (01/995195)، «بلانيت» (01/292192)