صحيح أن الأعمال اللبنانية الدرامية ملأت الشاشات في الموسم الرمضاني، مع ارتفاع عددها إلى ثمانية. إلا أنها في نهاية الموسم، لم تستطع أن تحجز لنفسها مكانة ترتقي فيه إلى مستوى فني ودرامي مقبول. يتسم غالب هذه الأعمال (خارج السباق الرمضاني) بالاستنساخ حتى انتقلنا أخيراً، من مرحلة الدبلجة الى تبني قصة مكسيكية مثلاً وإسقاطها على الواقع اللبناني. هذه الهوة السحيقة بين الجمهور اللبناني وواقعه الذي يعجّ بشتى القضايا، وبين المعالجة الدرامية، ما زالت قائمة وتتسع مع الزمن. وهذا ما أظهرته الأعمال الأخيرة التي اجتاحت شاشات لبنان على رأسها lbci وmtv، مع صعوبات رافقت كلاً من «الجديد» بسبب قطع بثها عن مناطق الضاحية وغيرها حيث جمهورها الأساسي، و«المنار» التي خرجت من هذا السباق بسبب الحصار المفروض عليها فضائياً من قبل شركتي «عربسات»، و«نايل سات»، رغم طرحها عملاً مشغولاً بميزانية عالية هو «بلاد العز»، الذي يحكي قصة الثوار في منطقة البقاع ومقارعتهم للاحتلال الفرنسي.

الأعمال الرمضانية المطروحة هذا العام، راوحت بين عرض الجزء الثاني من الأعمال مثل «وين كنتي» (كتابة كلوديا مرشليان- إخراج سمير حبشي) على lbci، و«زوجتي أنا» (كتابة كريستين بطرس وإخراج إيلي السمعان ـ «الجديد») المقتبس عن عمل مكسيكي هو «امرأة في حياتي»، وبين أعمال مأخوذة أجواؤها من هنا وهناك، كمسلسل «بلحظة» (كتابة ندين جابر، وإخراج أسامة الحمد)، الذي يتكئ على قصص أجنبية مغترباً بذلك عن أي واقع لبناني، وبين سرقة مكشوفة كـ «كاراميل» (lbci) المأخوذ عن مسلسل روسي يحمل الاسم والحبكة نفسيهما، وبين اقتباس روائي، لم تكتمل عناصر نجاحه وقوته كـ «أدهم بيك» (كتابة طارق سويد - إخراج زهير قنوع ـ mtv) المأخوذ عن رواية «دعاء الكروان» لطه حسين.

عقدة التصوير في القصور الفخمة، والاستفاقة
من النوم بـfull make up
ونصبح في نهاية المطاف مع مسلسل «لآخر نفس» (إخراج أسد فولادكار) الذي دخلت فيه الكاتبة والممثلة كارين رزق الله مجدداً هذا السباق، لكنها لم تحقق النجاح كما فعلت العام الماضي بـ «مش أنا» على lbci. صحيح أن العمل يقارب قضايا لبنانية حيوية، كحرمان المرأة اللبنانية من إعطاء الجنسية لأولادها، وحقوق الفلسطينيين الاجتماعية والإنسانية المهدورة في لبنان، والعلاقة خارج إطار الزواج، والوحدة وارتباط الرجل بامرأة تكبره سناً. لكنّ هذه القضايا أتت ضمن حبكة ضعيفة، وخفة في الأداء والحوار، هضمت حقها، وسياق معالجتها.
ومع هذا الإخفاق الواضح في الدراما اللبنانية، التي اتكأت على الاقتباس والاستنساخ المشوّه، أو على ضعف في مقاربة الواقع اللبناني، مع عقدة التصوير في القصور والفيلات الفخمة، والاستفاقة من النوم بـfull make up، وطرح مواضيع من كوكب آخر، رسا المشهد النهائي هذا العام، على دراما تحتاج إلى نفضة سريعة تعيد ألقها الماضي، وتتكئ على استيلاد الأفكار، التي يضج فيها الواقع اللبناني، بعيداً عن أي تصنّع، ومجافاة له، وأقرب الى الناس وهمومهم.