«شوف بقلبك» عنوان مبادرة إنسانية غير مسبوقة في نشرة إخبارية، قررت قناة «الجديد»، إطلاقها في نشرتها المسائية مع بداية شهر رمضان. و«لأن الناس لبعضها»، فتح فريق عمل القناة كوّة نور عبر الشاشة الصغيرة. بعيداً عن روتين الحياة السياسية وملفات الفساد وسباق «الرايتينغ»، خصصت «الجديد» على مدى ثلاثين يوماً، فسحة متواضعة لعشرات الحالات الانسانية التي لا تجد آذاناً صاغية.
ورغم أن «المعاناة ما بتبيع»، و«قلوب الناس لا تحتمل مزيداً من المآسي فوق تلك التي تعيشها»، ارتأت القناة منح هوائها لأشخاص تقطعت بهم سبل العيش وصدت في وجههم الأبواب. بلفتة بسيطة، لا تتجاوز الدقيقتين، منحتهم بصيص أمل، علّ مشاهداً يرى طفلاً محتاجاً أو عجوزاً أو شاباً مريضاً، فإما يُصبّره سوء حال ما يشاهد، على بلائه، أو يتطوّع للمساعدة إذا كان مقتدراً.
مهدي قشاقش كان واحداً من هؤلاء. ابن الـ 12 عاماً كان يحتاج إلى عملية تكلف عائلته أكثر من 40 ألف دولار، طبعاً بعد احتساب فارق الضمان الاجتماعي. ظهر على الشاشة بوجهه البريء يئن تحت الوجع فيما وجّهت والدته صرخة لمساعدته على إتمام عملية زرع نقي العظم. تطوّع لمساعدة مهدي عدد من الأشخاص، علماً أنه بحاجة إلى علاج مستمر.

الفقراء كانوا المبادرين
إلى تقديم المساعدة!
كما أن منزله بحاجة إلى عزل صحي كي يتمكن من الصمود فيه بعد الإنتهاء من العلاج الكيميائي. رانيا، الفتاة التي تقضي أيامها منذ سنين على كرسي مدولب تستعطي المارة في فردان، حكت عن حلمها الصغير، وعن رغبتها بشراء حذاء جديد واستبدال كرسيها المدولب... عن حلمها بيوم عطلة من دون هم قوت يومها. وقد سارع عدد من الأشخاص إلى تقديم المساعدة وتحقيق أحلامها الصغيرة، فيما تكفل فاعل خير بدفع إيجار منزلها مدى الحياة. بين مهدي ورانيا، خرجت أم عصام، العجوز المتروكة من أولادها في منطقة الأوزاعي. كلّ حلمها أن تحج بيت الله وتستبدل غرفتها التي تدخلها أمواج البحر بغرفة أكثر دفئاً وبعداً عن الشاطئ. عرضت الهيئة العليا للإغاثة ترميم غرفتها، فيما تطوع أحد الأثرياء عارضاً عليها إسكانها في قصره، لكنها رفضت. لا تريد أن تترك المنطقة التي عاشت فيها معظم سنين عمرها. كررت مطلبها البسيط، تريد غرفة لا تدخلها المياه. فاعل خير تكفّل بدفع تكاليف الحج والعمرة لـ «أم عصام»، فيما آخرون يريدون تقديم ثمن الغرفة. أحمد وريان ونانسي، أطفال هرموا بسبب المرض. حكوا عن معاناتهم، طالبين المساعدة. وهناك آخرون غيرهم... تمكنت «الجديد» من إفساح المجال لمساعدة بعض هؤلاء، فيما لا يزال آخرون ينتظرون من ينشلهم من معاناتهم، سيما أن بعض الحالات التي أطلّت في فقرة «شوف بقلبك» لم تجد أحداً يسمعها، فلم يحصل أصحابها على المساعدة. يقول حسن سعد، المنسّق الذي تابع الحالات الإنسانية في «الجديد»، لـ «الأخبار»: «لم نكن نتوقع هذا الحجم من التجاوب من قبل الناس». ويضيف: «كمية التعاطف كانت استثنائية. أكثر ما يُحزن أن الفقراء هم من يسارعون إلى مساعدة الفقراء»، مشيراً إلى أن عدداً من المواطنين من ذوي الدخل المحدود، تداعوا لتقديم مساعدة بعشرين ألف ليرة أو خمسين ألف ليرة. ويذكر سعد أنّ عدداً من الأثرياء عرضوا مساعدات مالية والتكفل ببعض الحالات. علماً أنّه منذ حوالي شهر، واكبت القناة حملة تبرع للطفل مارون قزي الذي احتل مواقع التواصل الاجتماعي وقد تم منحه مبلغ ١٥٨٠٠٠ يورو للعلاج في ايطاليا بمساعدة جهة رسمية. أما مجموع التبرعات، فقد بلغت حوالي الـ٧٠٠٠٠ دولار. يذكر أنّ تقارير فقرة «شوف بقلبك» صوِّرت بعدسة محمد بشير، فيما تشارك في إعدادها فريق عمل نشرة الأخبار وفريق عمل برنامج «للنشر» اللذان تقاسما صناعة الأمل.