مسار مختلف سلكته الدراما اللبنانية، التي حضرت بقوة في هذا الموسم، مقارنة بالسنة الماضية. ثمانية مسلسلات توزّعت على شاشات lbci ،mtv، و«الجديد» وغيرها في مشهدية لم نعهدها قبلاً. لكن مع هذا التوزيع، اختلف تقييم هذه الأعمال، التي حاكى بعضها الواقع اللبناني («آخر نفس»، و«ورد جوري» نموذجاً)، وذاب بعضها الآخر في لعبة الاقتباسات والنسخ، والكوميديا السطحية («كاراميل» مثالاً)، أو اتّكأ على قصص أجنبية قد تكون بعيدة كل البعد عمّا نعيشه («بلحظة»)، أو نهل من نصوص أدبية كـ«أدهم بك» (كتابة طارق سويد عن رواية «دعاء الكروان» لطه حسين ــ إخراج زهير قنوع) الذي لم يوفق صنّاعه هذا العام.
العام الماضي، انحصرت المنافسة بين المحطات الثلاث المذكورة، واستحوذت lbci على حصة الأسد في لغة الإحصاء مع عملَيها: «مش أنا» (سيناريو ونص كارين رزق الله ــ إخراج جوليان معلوف)، و«وين كنتي» (كتابة كلوديا مرشليان ــ إخراج سمير حبشي). هذا العام، تبقى lbci في المرتبة الأولى تبعاً لأرقام شركتي GFK (من 3 الى 9 يونيو)، و«إيبسوس» (من 27 مايو لغاية 12 يونيو) التي حصلت عليها «الأخبار». تصدّرت القناة المرتبة الأولى بعملها «وين كنتي» الذي تعرض حالياً جزأه الثاني (13.0% ايبسوس ــ 13.15% GFK)، فيما اختلفت أرقام الشركتين على المرتبة الثانية، إذ استحوذ «الهيبة» الذي تعرضه mtv على المرتبة الثانية (13.10%) وفق «جي. أف. كي.»، وحلّ ثالثاً وفق «إيبسوس»، فيما تصدّر «باب الحارة» (الجزء التاسع)، المرتبة الثانية تبعاً لـ«إيبسوس» (11.2%). الكاتبة كارين رزق الله التي صارت حديث الناس العام الماضي، بمسلسلها «مش أنا»، ضاعت هذا العام مع انتقالها الى mtv، وتقديمها «لآخر نفس» الذي جاء مخيّباً، بخلاف ما روّج له إعلامياً قبل العرض. جاءت المعالجة ضعيفة لكمّ هائل من القضايا الحسّاسة والاجتماعية، مع غياب أي أرضية مقنعة للعلاقة التي تنشأ بين بديع أبو شقرا (غسان)، ورزق الله (هزار) خارج إطار الزواج.

استيراد الأفكار ومعالجة
معضلات الواقع بسطحية

أرقام «إيبسوس» تفيد بأن هذا العمل احتل المرتبة الرابعة (9.9%)، فيما حلّ ثالثاً وفق «جي. أف. كي.»، (11.13 %).
لعله العام الأسوأ على الإطلاق بالنسبة الى «الجديد» التي قطع بثّها وما زال منذ بداية شهر أيار (مايو) الماضي، عن مناطق لها الثقل الأساسي في تكوين جمهورها، وتحديداً «الشيعة»، إذ يشكلون 42% من مجمل جمهورها. انخفضت نسب المشاهدة، واحتلت القناة ذيل القائمة في الأعمال العشرة الأكثر مشاهدة بمسلسليها «زوجتي أنا» و«بلحظة»، بل إنّها سحبت من السباق الرمضاني عملها اللبناني «أول نظرة» (كتابة كريستين بطرس وإخراج زهير قنوع)، مفضّلة عرضه خارج الزمن الرمضاني. وكانت لافتة تغريدة الممثلة سيرين عبد النور في بداية شهر الصوم، متوجّهة الى «الشباب» (حركة أمل) لإعادة البث، ليتسنّى للجميع مشاهدة عملها «قناديل العشاق» على المحطة (تأليف خلدون قتلان، وإخراج سيف الدين سبيعي). الى جانب «الجديد»، غابت «المنار» المحاصرة فضائياً عن هذه القائمة، وفضّلت وضع ثقلها هذا العام على صفحات السوشال ميديا كحل بديل.
صحيح أن «الهيبة» (تأليف هوزان عكو ــ إخراج سامر البرقاوي)، استحوذ على حديث الميديا والنيو ميديا، وللحظة تخاله حطّم الأرقام الإحصائية، إلا أنّ العينة (أكثر من 600 منزل «إيبسوس» على سبيل المثال) التي تعبّر عن كل من الشركتين، أخذتنا الى «وين كنتي» في المرتبة الأولى. ربما يعود ذلك الى أن جمهوره لا يكترث كثيراً بلعبة العالم الافتراضي، أو ينتمي الى فئات عمرية متقدمة في السن.
إذاً، سبعة أعمال لبنانية صرف تنافست في ما بينها هذا العام، لكنها لم تحرز أي تقدم بالمفهوم الإبداعي للصناعة الدرامية. بقيت «حركة بلا بركة» كما يقال، مع اتّكاء أغلبها على استيراد الأفكار بدل توليدها، أو باءت معالجتها لمعضلات الواقع اللبناني بالفشل أو بالسطحية. ربما يلزمنا الاطلاع فقط على ما أفرزته الدراما المصرية هذا العام من إنتاج ضخم ومقاربة إبداعية ساحرة، لنشعر بالفارق الكبير بين الصناعتين.




«وين كنتي»: غرام و... غرام

في العام الماضي، طرحت lbci للمرة الأولى عملين لبنانيين اثنين هما «مش أنا» للكاتبة كارين رزق الله، و«وين كنتي» لكلوديا مارشليان، وحقّقا وقتها أرقام مشاهدة عالية. هذا العام تستكمل المحطة الجزء الثاني من «وين كنتي» (إخراج سمير حبشي)، ويبدو أنه احتل صدارة باقي الأعمال الرمضانية على الشاشات المحلية. الجزء الأول عرّفنا على بطلة العمل ريتا حايك (نسرين) التي تزوجت برمزي (نقولا دانيال) المسنّ، وعلى كيفية نشوء علاقة عاطفية مع ابنه «جاد» (كارلوس عازار)، بعدما ساعدت شقيقته المعنّفة على يد زوجها. في هذا الجزء، نكتشف خفايا جديدة من علاقة رمزي بـ«أمل» (رانيا عيسى)، وتورطه في مقتل زوجته ناديا، في ظل استحالة إخفاء علاقة نسرين بجاد، وتكهّن ردّ فعل خطيبته «سيلا» (ملاك الحاج)، في حال معرفتها بهذه العلاقة.