القاهرة | لا مسلسلات من دون أزمات. هكذا اعتاد جمهور الدراما الرمضانية في مصر، سواء كانت الأزمة بين صنّاع العمل وآخرين يرفضون ما جاء فيه، أو بين أبناء الوسط الفني الواحد. الأيام الأولى من رمضان شهدت أزمات كبيرة، فهل يستمرّ الشهر على المنوال نفسه؟ لم تقتصر الأزمات على مسلسل واحد أو اثنين كما هو المعتاد في دراما رمضان، بل إنّ أكثر من مسلسل أثار الجدل لأسباب عدة، وبعضها غير متوقع بالمرة.
في «أستاذ ورئيس قسم» (إخراج وائل إحسان وتأليف يوسف معاطي)، يؤدّي عادل إمام شخصية الأكاديمي الثوري (فوزي جمعة) التي لم يقدّمها منذ عقود، بالتالي لا يمكن توقّع أزمات سياسية كتلك التي اعتاد «الزعيم» إطلاقها أخيراً. لكن المشكلة جاءت هذه المرّة من جهة تسمى «اتحاد علماء مصر». طالب الأخير بوقف عرض المسلسل، متهماً الشخصية الرئيسية في العمل بتشويه مكانة أساتذة الجامعة، إذ «تظهره وهو في أحد الملاهي بصحبة رفاقه، مع إبراز أنه شخص غير ملتزم». واعتبر الاتحاد أن بطل المسلسل «يسعى وراء العاهرات والراقصات ويشرب الخمور بل ويحرّض تلاميذه على ذلك». وادّعى بيان صادر عن «اتحاد علماء مصر» الحصول على سيناريو المسلسل الذي سيؤكّد لاحقاً «قبول الأستاذ الثوري منصباً وزارياً أثناء حكم الإخوان وخضوعه للابتزاز من فتاة ليل». لم يرد إمام على الانتقادات ومن المستحيل طبعاً وقف عرض المسلسل.
من جهته، ردّ فريق عمل مسلسل «حارة اليهود» (إخراج محمد جمال العدل وتأليف مدحت العدل) على الانتقادات التي جاءت من ماجدة هارون رئيسة الطائفة اليهودية. واعتبر المخرج محمد جمال العدل أن «التركيز على بعض المغالطات التاريخية بمثابة ملاحظات لا تستحقّ الاهتمام لأنه يُفترض التعليق على الأداء والخط التاريخي العام، لا بعض الملابس وماركات الثلاجات التي كانت موجودة في زمن أحداث المسلسل وهو نهاية الأربعينيات من القرن الماضي». وكانت هارون استخدمت صفحتها على فايسبوك لكتابة ملاحظات يومية على العمل، وبدأت بخمس دفعة واحدة. كانت الملاحظة الأولى «أن البيمة (أي المنبر داخل المعبد اليهودي) خلال مشهد الغارة، لم تكن الأسفار موجودة عليه.

إطلاق مدفع الإفطار قبل الموعد الأصلي على التلفزيون المصري بسبب... رعايات إعلانية!
أما الثانية، فهي أن مداخل العمارات لم تكن بهذا الاتساع والفخامة في حارة اليهود». وعن الملحوظة الثالثة، قالت هارون إن الثلاجات الكهربائية لم تكن متاحة للجميع وقتها، وبالأحرى في حارة اليهود. والرابعة أن الملابس ربما كانت قصيرة في هذا الوقت، لكنها لم تكن كما جاء في المسلسل. أما عن الملاحظة الخامسة والأخيرة، فقالت إن «اليهود الشيوعيين لم يلعبوا بمخّ الشباب لتحويلهم إلى صهاينة». وأشارت هارون إلى أنها ستبدي رأيها في ملاحظات عدة أخرى، مضيفة «البقية تأتي». أزمة من نوع آخر شهدها المسلسل الكوميدي «يوميات زوجة مفروسة» (إخراج أحمد نور وتأليف أماني ضرغام) لداليا البحيري. قالت السيناريست إيمان عبد الرحيم إنّها «فوجئت بعدم وجود اسمها على التترات رغم مشاركتها في كتابة وتعديل حلقات عدة وحصولها على وعد بذلك. كما أنها لم تحصل على حقّها المادي كاملاً حتى الآن». على الضفة الأخرى، ردّ الناقد طارق الشناوي بشكل غير مباشر على محمد صبحي الذي شنّ هجوماً على مسلسلات رمضان، واتهمه «بالوقوف إلى جانب المتشدّدين. كما طالبه بأن يعود للتمثيل بدلاً من أن يختار السيء فقط من الأعمال المعروضة ويعمّمه على المنتج الفنيّ المصري كلّه».
يُضاف إلى الأزمات السابقة، أزمة التسريب عبر الإنترنت للحلقات الخمس الأولى من مسلسل «ذهاب وعودة» (إخراج أحمد شفيق وتأليف عصام يوسف) لأحمد السقا، وسط مخاوف من تكرار التسريب مع مسلسلات أخرى.
وشهدت كواليس مسلسل «حواري بوخاريست» (إخراج محمد بكير وتأليف هشام هلال) أزمة بطلتها سارة سلامة التي اعتادت التأخّر على موعد التصوير من دون مبرّر، فاضطر فريق العمل لعدم إستكمال المهمة يوم الجمعة الماضي بسبب غيابها. في سياق آخر، يُتوقع أن يستمرّ تصوير «حواري بوخاريست» حتى الأيام الأخيرة من رمضان إلى جانب مسلسلات أخرى من بينها: «الكبير أوي» (إخراج أحمد الجندي وتأليف مصطفى صقر) و«الكابوس» (إخراج إسلام خيري وتأليف هالة الزغندي) و«ظرف أسود» (تأليف وإخراج أحمد مدحت).
ولا يزال تعدّد مستويات الرقابة يقلق صنّاع الدراما المصرية، إذ تمارس رقابة التلفزيون المصري تشدداً أكبر بالمقارنة مع القنوات الخاصة. وقامت قناة «نايل كوميدي» الحكومية بحذف رقصة شعبية للممثل محمد رمضان من مسلسل «لهفة» (إخراج معتز التوني وتأليف كريم يوسف) أدّاها وهو عاري الصدر. وطالب المخرج أحمد مدحت جمهوره بعدم متابعة مسلسل «ظرف أسود» على قناة «نايل دراما» بسبب الحذف. لكن المخرج سامح عبد العزيز سار في الاتجاه المعاكس وطالب جمهوره بعدم مشاهدة مسلسل «بين السرايات» (تأليف أحمد عبدالله) على قناة «الحياة» لأنها لا تحترم حقّ الفنانين وتحذف التترات لضيق الوقت بسبب الفواصل الإعلانية. أما أطرف الأزمات، فتتلخّص في إطلاق مدفع الإفطار ثلاث مرات قبل الموعد الأصلي على شاشة التلفزيون المصري بسبب... رعايات إعلانية!