لم يُعرض من «الشقيقتان» (كتابة كلوديا مرشليان، وإخراج سمير حبشي، إنتاج شركة «إيغل فيلمز»/ جمال سنان) سوى سبع حلقات حتى كتابة هذه السطور. صحيح أنّ جميع خيوطه وأحداثه لم تتبلور بعد، لكن من تابعه عبر شاشتي «المؤسسة اللبنانية للإرسال» وLDC (بعد نشرة الأخبار المسائية) يستطيع الخروج بانطباع جيّد.
حلّ العمل الجديد مكان «أمير الليل» الذي حقق نجاحاً جماهيرياً ملحوظاً، رغم الملاحظات الدرامية الكثيرة التي سُجّلت عليه، وهو يُنافس عملاً آخر لمرشليان هو «فخامة الشك» (إخراج أسامة الحمد، وإنتاج شركتي «الصدى» و«غولد تاتش») الذي بدأت mtv بثّه قبل أسابيع.
البداية كانت قوية فعلاً، إذ حظي «الشقيقتان» منذ الحلقة الأولى بنسب مشاهدة عالية، فيما يحتل #الشقيقتان مراتب متقدّمة جداً بين الهاشتاغات الأكثر تداولاً على تويتر في أوقات العرض، فضلاً عن كثرة التعليقات عليه على السوشال ميديا في لبنان والعالم العربي.
يجمع العمل مجموعة من الممثلين اللبنانيين، على رأسهم نادين الراسي، وباسم مغنيّة، ومازن معضّم، وسارة أبي كنعان، وجوزف بو نصّار، ورولا حمادة، ونهلا داود، ورندا الأسمر، وزينة مكي، ونيكولا مزهر، وطوني مهنا، وماري أبي جرجس، وسيرينا الشامي، وجمال حمدان، وحسّان مراد، وجوي الهاني... أما أحداثه، فتدور حول الحقد والقسوة والغيرة والرغبة في الانتقام، راصدة في الوقت نفسه نتائج هذه الحالات على حياة كل شخصية.
استجابة لرغبة والدها «كريم بيك الأسمر» (جوزف بو نصّار)، توافق «ضحى» (سارة أبي كنعان) على الخطوبة من الشاب الثري «فريد» (مازن معضّم) المغروم بها. وفيما الجميع في منزل العروس الفارة يكملون الاستعدادات للسهرة المنتظرة، تكتشف «ضحى» أنّ شقيقتها الكبرى «ثريا» (نادين الراسي) تحب العريس وستنتحر في حال «تمّ النصيب». هكذا، وبسبب واقعها المرير في القصر الفخم «الخالي من الدفء والسعادة»، وحفاظاً على حياة أختها، تقرّر «ضحى» الهرب مع الكثير من المال والمجوهرات. تجد سبيلها إلى منزل متواضع على شاطئ البحر. إنّه منزل «الست زيّون» (رولا حمادة) التي أُجبرت على العمل في صيد الأسماك بعد وفاة زوجها لتربية أولادها الثلاثة: «شريف» (باسم مغنية) الذي يدرس الحقوق، و«جبران» (نيكولا مزهر) الذي يساعد والدته في البحر، و«شادية» (زينة مكي) العاملة في مصنع خياطة وغير الرافضة لواقعها. تستقبل العائلة المتواضعة الفتاة الغنية لليلة واحدة فقط حتى تتمكّن من تدبّر أمرها، لأنّهم خافوا من أن تتسبب لهم «بنت الأكابر» في مشاكل. تتفق «ضحى» و«شريف» على الزواج صوَرياً للحصول على اسمه والتمكن من الهرب خارج البلاد، في مقابل حصوله هو على مبلغ من المال لتأمين مستقبله ومستقبل أسرته. بعد إتمام الاتفاق، تكتشف الشابة أنّها تعرّضت للسرقة من قبل «شادية» التي ترفض الاعتراف، وتصرّ على إخفاء المسروقات لضمان حصولها على حبيبها «محمود» (حسّان مراد) زوج صاحبة المعمل.
كما «أمير الليل»، يرجع بنا «الشقيقتان» إلى الماضي، لكن إلى الستينيات. وفيه نرى نادين الراسي تعود بدور مركّب وصعب. إنّها فتاة حاقدة على والدها وعلى شقيقتها. فالأب يحب أختها أكثر منها، ويسيء معاملتها لأسباب لا تزال مجهولة حتى الآن. هنا، تُبرز الراسي قدراتها التمثيلية، إذ ترينا الصراعات الداخلية التي تعيشها «ثريا»، ومشاعرها المتناقضة. فنشاهدها جبّارة حيناً، وحاقدة وكارهة وخبيثة حيناً، وضعيفة مكسورة أحياناً أخرى.
بدورها، تقوم رولا حمادة بدور جديد، إذ تجسّد الصيّادة «زيّون» بأسلوب حقيقي جداً، مظهّرةً امرأة عاملة وقوية لا تظهر ضعفها وتعبها لأحد، وتفعل المستحيل لحماية أولادها الذين فنت عمرها من أجلهم.
في هذا المسلسل، لا يمكننا الحديث عن أداء تمثيلي ضعيف، على أن تكون لنا عودة إلى هذا الموضوع مع تبلور الأحداث والحبكة أكثر. حتى إنّ نص كلوديا مرشليان يحاول هذه المرّة الاقتراب من الواقع قدر الإمكان، وإن كانت الحوارات لا تخلو من لغة الوعظ. أما سمير حبشي، شريك مرشليان في عدد من الأعمال خلال الفترة الماضية، فينجح كالعادة في إظهار جمال طبيعة المناطق اللبنانية والديكورات والكادرات، عبر أسلوبه في التصوير وتقطيع المشاهد، فضلاً عن قدرته على إدارة الممثلين بشكل جيّد. في النهاية، تجدر الإشارة إلى شارة المسلسل التي تحظى بإعجاب كبيرة، وهي من كلمات الشاعر مهدي منصور، وألحان وتوزيع زياد الأحمدية، وغناء شانتال بيطار.

*«الشقيقتان»: من الإثنين إلى الجمعة ــ بعد نشرة الأخبار المسائية على LBCI وLDC.