دمشق | حالما نشرنا خبر إيقاف مسلسل «فوضى» (تأليف حسن سامي يوسف ونجيب نصير، وإخراج الليث حجو إنتاج «سما الفن» - الأخبار 11/2/2017) حتى ضجّت الصحف والمواقع الإلكترونية، والصفحات الافتراضية بالخبر. سرعان ما أخذ حجماً أكبر من حجمه، وتحوّل إلى حديث الوسط الفني السوري.
ورغم التسريبات التي أكّدت لنا أنّ السبب في القرار الإنتاجي، هو الأجر الذي دفع للنجمة اللبنانية سيرين عبد النور، بعد توقيعها عقد بطولة مع الشركة ذاتها في مسلسل «قناديل العشّاق» (كتابة خلدون قتلان وإخراج سيف الدين السبيعي)، إلا أنّ غالبية الأطراف تراجعت عن هذه التسريبات. بلغت الزوبعة الإعلامية ذروتها، عندما كتب السيناريست حسن سامي يوسف تعليقاً فايسبوكياً طويلاً شرح فيه قصة المسلسل، واستعادة روح مسلسل «الإنتظار» أميز أعماله مع شريكيه نصير وحجو، مفترضاً في «فوضى» (كان يُفترض أن يؤدي بطولته بسّام كوسا) حارة دمشقية كان مهيئاً لها أن تكون واجهة المدينة الحضارية، وقد حوصرت بفوضى وعشوائية الحدث الراهن. ثم تحدّث عن «النجاح غير المسبوق الذي حققه مع شريكه الليث حجو والشركة ذاتها». وكشف عن طلب مالك الشركة رجل الأعمال والنائب السوري محمد حمشو منه شخصياً عن طريق وزير الثقافة، تكرار التعاون مع الشركة، وموافقته رغم سيل العروض التي لاحقته «لأنّ الشركة لم تحقق خلال عشرين عاماً نجاحاً مماثلاً لنجاح «الندم»» وفق ما قاله مالك الشركة، وكشفه تعليق يوسف.

أجر سيرين أوقف
تنفيذ مسلسل حسن سامي يوسف؟


طبعاً المعلومة أثارت تهكّم بعضهم، باعتبار أنّ «سما الفن» (سورية الدولية) سبق أن أنتجت روائع الدراما العربية خلال عقدين منها الأجزاء الأولى من «بقعة ضوء» لليث حجو و«التغريبة الفلسطينية» و«الزير سالم» و«ثلاثية الأندلس» لوليد سيف وحاتم علي وعدد كبير من الأعمال التي تتخطى «الندم» (2016) على مستوى القيمة الفنية والجماهيرية العريضة... عموماً، استطرد يوسف في تعليقه، موضحاً التباطؤ الإنتاجي غير المعتاد، وتعرّضه للغبن من الجهة المنتجة، بعد تنازله عن ملكية النص لدى «لجنة صناعة السينما» كخطوة تقليدية تأتي أولاً لدى صناعة أي عمل تلفزيوني، من دون قبضه شيئاً من حقه المادي بسبب الثقة المتبادلة. كما شرح حجم التنازلات الإنتاجية الكبيرة التي قدّمها مع مخرجه، وفريق العمل لصالح الشركة، ثم تشبّث الأخيرة بالنص، من دون إبداء أي نية لإنتاجه، أو إعادة ملكية حلقاته المكتوبة. علماً أنّ أحداً من فريق المسلسل لم يتلق فلساً واحداً من «سما الفن» بعد فترة تحضيرية بدأت قبل شهرين على حد قولهم لنا. أخيراً، غمز يوسف في المنشور نفسه عن سبب تأجيل مسلسله ألا وهو «رغبة الشركة في إنجاز مسلسل شامي من بطولة ممثلة لبنانية من ذوات الأجر العالي». ختام هذا التعليق وما تداولته الصحافة والسوشال ميديا، أشعلا نار الخلافات بين زملاء المهنة. راحت التعليقات العشوائية تضرب يمنة ويسرةً، معتبرة أنّ «قناديل العشّاق» هو السبب في تأجيل «فوضى» الذي كانت تبنى عليه آمال الدراما السورية كلّها. حسم الخلاف، بمسح التعليق عن صفحة يوسف، ومصالحة كلامية بين حجو والسبيعي على الفايسبوك، قبل أن يعود يوسف لنشر تعليق جديد قال فيه إنّ «مالك الشركة تواصل معه مجدداً عن طريق صديق مشترك، وأوعز لإدارته بالنهوض بالعمل فوراً، وأنه سيلوذ بالصمت منتظراً النتائج».
في اتصالنا معه، يقول حسن سامي يوسف: «هناك محاولات لوسطاء. وإن كنت أشعر بالخذلان، إلا أنني سأترك لهم فرصة التصرّف على أمل أن تثمر جهودهم، وسأبقى ملتزماً بآخر ما كتبته على صفحتي الفايسبوكية». بدوره، حسم الليث حجو الإشكال، قائلاً لـ «الأخبار»: «صحيح أنّ هناك محاولات لإحياء العمل، لكن الثقة فقدت مطلقاً بإدارة هذه الشركة. ما يحصل حالياً من وجهة نظري، هو عبارة عن تسويف لا أكثر». يضيف مخرج «خلف القضبان»: «الموضوع أخذ أكبر من حجمه فعلاً، وإن كنا لا ننوي مصادرة رأي أحد، إلا أننا نتبرأ من أي لغة شتائم، أو أسلوب هجومي، تم تداوله على بعض صفحات السوشال الميديا لأنها لا تشبه المهنة الإبداعية التي نشتغل بها». وبخصوص معلوماتنا حول ما روّج عن رغبة مدير الشركة المنتجة في تدمير هذا العمل بسبب تجاوز حجو له، وتمرير بعض المسائل الإنتاجية من دون علمه في مسلسله السابق «الندم»، يجيب المخرج السوري: «لا أعرف مدى دقة هذا الكلام، ومهما يكن، فالتحليلات لم تعد مفيدة». من جهته، يؤجّل فراس الدبّاس مدير «سما الفن» التعليق على الأمر للأيام القادمة.
يبدو واضحاً أن الضجة أثيرت بسبب الآمال المبنية على شراكة الثلاثي المميز يوسف ونصير وحجو، وعودة أهم ورشة سيناريو سورية إلى العمل، بعدما انفرط عقدها لمدة من الزمن، إضافة إلى أهمية استكمال مشروع «الإنتظار» (2006) بمقترح يعاصر الظرف المتردي الذي يحكم الشام الآن. يبقى السؤال الكبير مطروحاً حول إمكانية إعادة الألق إلى الدراما السورية الخالصة، في ظل تخاذل الجهات الإنتاجية المحلية عن مشاريع ربما لن تحقق ظرفاً تسويقياً جيداً، إلا أنها قد تحمي ما تبقى من سمعة طيبة للصناعة الوحيدة في بلد تتآكله الحرب!