يبدو أنّ منابر «العربية» لا تفوّت فرصةً للاصطياد في المستنقع السوري وفق هواها، حتى لو كان الأمر متعلقاً بالسينما. أحدث صرعات موقع «العربية نت» في هذا الخصوص، ما فعله مراسلها من «مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي» (3 ــ 12 حزيران (يونيو) 2015) عبد الجبار بن يحيى.
نشر مقالاً بعنوان ««الرابعة بتوقيت الفردوس»... نظام الأسد يفضح نفسه!» بعد عرض الفيلم، الذي أخرجه محمد عبد العزيز، وأنتجته «المؤسسة العامة للسينما»، وشارك في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة في المهرجان الجزائري. عنوان غريب حاول تبرير الحيرة من جرأة شريط من إنتاج وزارة الثقافة السورية.
سارع إلى إقحام مصطلحات القناة التي تُستخدم في التغطية الإخبارية، على حساب القراءة الفنيّة وطبيعة الحدث الاحتفائي. بعدها، عمد إلى استعراض محاور الفيلم من منظور سياسي لا درامي في بعض الأحيان، من قبيل: «زخم كبير في الحكايات، تجعل المرور عبر حواجز الجيش السوري في دمشق أمراً رومانسياً، بالنسبة لــ (يارا عيد) راقصة الباليه، التي خطف الجندي قلبها مثلما خطفتها السيارة المفخخة قرب الحاجز».
مع التسليم بحريّة صاحب المقال في القراءة الصحيحة أو الخاطئة، نصل إلى الختام الذي افترضه على لسان عبد العزيز نفسه: «ومتى تقبّل النظام انتقاد نفسه في دمشق؟ يجيب محمد عبد العزيز «العربية. نت»: «لن أنقل صورة مزيفة. إنّها حقيقة الجانب المظلم من السلطة في سوريا».

هذا الكلام
مفبرك ومجتزأ ولا علاقة له بالتصريح المنسوب إلي
هل قالها السينمائي السوري فعلاً؟ يقول محمد عبد العزيز لـ «الأخبار» إنّ «هذا الكلام مفبرك ومجتزأ من سياق لا علاقة له بالتصريح المنسوب إلي. نحن، كسوريين، اعتدنا على التعاطي اللا أخلاقي واللا مهني والصيد في الماء العكر وتحريف الحقائق، من قبل معظم وسائل الإعلام». لكن، هل سيعمد إلى الرد أو اتخاذ إجراء ما؟ يجيب صاحب «دمشق مع حبي» (2010، 105 د.، شركة الشرق للإنتاج الفني): «من العبث الرد على منبر لا يعنيه أيّ تحوّل ديمقراطي، في مكان لا يزال يبحث في حق المرأة بقيادة السيارة أو عدمه».
هذه ليست كل حصيلة ذلك اليوم. يومية «الشروق» الجزائرية أوردت تصريحاً آخر على لسان عبد العزيز تحت عنوان: «فنانون سوريون كثر كانوا ضد نظام الأسد وتراجعوا»، يقول فيه: «العديد من الفنانين كانوا ضد نظام بشار الأسد أثناء قيام «الثورة»، لكن أثناء انعطاف مسارها بأخذه لأشكال «ثورة أخرى» انسحبوا وتراجعوا». كاتب المقال حسان مرابط تابع بصيغة الجمع والجزم: «بل أكدّ (محمد عبد العزيز) أنّهم خرجوا في تظاهرات وحملوا شعارات مناهضة لحكومة بشار الأسد، لكن انسحبوا وتراجعوا في ما بعد، بعدما انحرفت الثورة عن مسارها من خلال توجهات سياسية ودينية متطرفة تحرض على الفوضى وغيرها من أشكال العنف بهدف تخريب البلد». الثابت أنّ صاحب «الحرائق» (المؤسسة العامة للسينما، لم يُعرَض بعد)، تحدّث عن شخصه فقط خلال النقاش الذي تلا العرض، من دون النطق بعبارات مثل «نظام بشار الأسد» أو «حكومة بشار الأسد». عبد العزيز أكّد خروجه في تظاهرات في بداية «الحراك الشعبي»، قبل أن يتراجع لأنّه ضد التغيير المتطرّف والمبني على العنف.