باسل البابا (1982) هو عازف بيانو لبناني كلاسيكي من الجيل الجديد وممّن يستحقون التشجيع والمتابعة. قدّم في السنوات الأخيرة أمسيات عدّة، بعضها أتى في إطار خاص، كتلك التي دعاه إلى إحيائها منذ بضعة أسابيع موزار شاهين ولوسيان جورج في دارة الأخير في بيروت. في هذا السياق، تشارَك باسل المسرح مع عازفين آخرين مراراً، لكن هذه المرّة ينفرد الموسيقي الموهوب في تقديم برنامج «دسم» أراده تحية وفاء لأستاذته سفارت سركيسيان التي رحلت أخيراً، وكذلك إلى الدكتور بيار عازوري، الذي تركنا السنة الماضية بعد رحلة طويلة في عشق العلوم وشوبان.

هكذا، يطل البابا مساء اليوم من «الجامعة الأميركية في بيروت» ببرنامج مألوف لمن يهوى الموسيقى الكلاسيكية، لكنّه في الوقت عينه يحوي مؤلفات لا تموت، ما يجعله موجهاً للجمهور بكل فئاته الخبيرة والهاوية.
يعمل باسل البابا بجهد وشغف على الرغم من عدم تفرّغه الكامل لآلته. فيختار أعمالاً «كبيرة» (أي جميلة وشهيرة وغالباً صعبة) من الريبرتوار الموسيقي الخاص بالبيانو المنفرِد، ويعمل عليها لتصبح جاهزة لأن تؤدّى أمام الجمهور بعد حين.
لناحية الحقبات والمؤلفين، يميل إلى الرومنطيقية ورموزها (شوبان، ليست، بيتهوفن...) لكنّه لا يهمل الآخرين، السابقين (باخ، هايدن،...) واللاحقين. في برنامجه المرتقب، يجمع البابا بين كبار المؤلفين الذين كتبوا للبيانو، من هايدن وبيتهوفن إلى شوبان. يحضر كذلك باخ في برنامج الأمسية، لكن ليس بالشكل النقي، بل من خلال عملٍ كتبه كبير الألمان للكمان المنفرِد ونقله المؤلف الإيطالي بوزوني (الذي برع في حرفة إعداد أعمال من أشكال مختلفة للبيانو).
من عشرات سوناتات هايدن للبيانو، اختار باسل البابا واحدة من آخر ما كتب المعلم النمساوي في هذه الفئة. أما من السوناتات الـ32 التي أبدعها بيتهوفن، فيؤدي البابا الرقم 23، أي السوناتة الشهيرة المسمّاة «أباسيوناتا» (Appassionata). شكّل هذا العمل تحدياً (تقنياً وأبعد من ذلك) لعازفي البيانو تاريخياً، وسجّله معظم الكبار في العالم، وقد سبق لباسل أن أدّاه في الأمسية الخاصة المذكورة أعلاه، غير أنّ البيانو الرديء الذي وُضِع في تصرّفه يومها لم يسمح بأخد فكرة واضحة عن مدى قدرة العازف على تقديم نتيجة ملفتة (باستثناء القدرات التقنية).
لكن في الـ«أسمبلي هول» البيانو أفضل بما لا يقارن بآلة الثنائي الراقي شاهين/ جورج التي كانت أشبه بفيلسوفٍ عظيم متقدمٍ في السن حتى الخرَف، فبات الأخذ برأيه مجازفة غير محسوبة! إلى سوناتتَي هايدن وبيتهوفن يضاف عملَين من الفئة المقلقة تقنياً، الأوّل لباخ/ بوزوني (الـ«شاكون» الشهير) والثاني لشوبان (السكيرزو رقم 2)... بانتظار أن يرد اسم موزار في برامج باسل المقبلة.

الليلة ــ 20:00 ــ الـ «أسمبلي هول» ــ «الجامعة الأميركية في بيروت) (شارع بليس ــ الحمرا). الدعوة عامة ومجانية.