بعد غياب أربع سنوات تقريباً، تقدم خلود ياسين (1979/ الصورة) مساء اليوم، مقتطفات من عرضها Heroes – The Surface of Revolution بصيغة أولى لا تزال قيد التطوير. ياسين التي أطلقت «مقامات» مع عمر راجح، وقدمت عروضاً في هذه التجربة، انفصلت قبل سنوات لتدشن تجربتها المستقلة كراقصة ومصممة. في عملها «في ليلة من آذار» (2007) الصاخب بأصوات وضربات الحرب، أدت خلود مقطوعة جسدية برفقة إيقاعات شقيقها الموسيقي خالد ياسين، التي مثّلت عنصراً أدائياً كما الجسد. في Entre Temps بجزءيه الأوّل (2009) والثاني (2012) تتبعت العلاقة بين الحركة والإيقاع والزمن ضمن قالب كوريغرافي مجرّد من الإستفاضات السردية والدرامية. خرج ذلك في سياق سعيها إلى إنتاج عرض مستقل بذاته الحركية والإيقاعية، ومتحرر من الفكرة المباشرة، مثل «مقطوعة موسيقية»، كما وصف ديفيد لينش مرّة طموحه في فيلم «مولهولاند درايف»، الذي أراده ممارسة سينمائية متفلتة من ضوابط الحبكة التقليدية. عرضها المنفرد «أبطال ــ سطح الثورة» الذي يفترض أن يخرج بشكل كامل بداية السنة المقبلة، يعمل على تشريح لحظات القوّة الجسدية. كيف يبدو جسد السلطة من الخارج؟ ذلك الجسد المتخم بالقوة في لحظات التبجّح والرضى المطلق بفضل أصوات الجماهير وصافراتهم وقبضاتهم المصرّة. تتخذ هذه العلاقة بين السلطة والمتلقي، هامشاً واسعاً من بحثها عن مفردات الجسد السلطوي. بحث استند بالدرجة الأولى، وفق خلود، إلى صورة الأبطال كما يقدّمها الإعلام الجماهيري، وتحديداً المراجع البصرية لهذه الصورة في الفيديو والفوتوغرافيا. هكذا تقبض على لغة الجسد في ذروة الاكتمال والجمال: القادة السياسيون ونجوم البوب، والرياضيون وعارضو الأزياء. تفكك خلود هذه المفردات المألوفة لذاكرتنا الجماعية؛ إيماءات مبتذلة وضحكات منسوخة، لتعيد تقديمها بجسدها الخاص/ جسد المتلقي وبناءها مجدداً بحركات مكثفة. يستمد جسدها قوته من هذه الحركية الفائضة للأبطال، التي تخرّبها، بضربات أقدام تصدر صخباً منفّراً. سيكون تدشيناً لمصير البطولة الحتمي. في مشاهد من العرض، تظهر خلود ذلك السقوط المدوي، الذي يبقى عالقاً بين الوجود والتلاشي. إنه سقوط مرفوض، يبقى متمسكاً بجبروته. تمسرح خلود هذا الإنهيار، مستعينة بمفردات من رقصة «الفوغينغ»، لتخلق جسد كائن هجين، ترفض أطرافه الاستسلام بينما تتصدر وجهه ابتسامة مرتبكة.
* «أبطال ــ سطح الثورة» لخلود ياسين: السابعة من مساء اليوم ــ «مسرح بيريت» في «الجامعة اليسوعية» (طريق الشام ــ بيروت).