عنوان فيلم «امرأة من ذهب» لسايمون كورتيس مستوحى من لوحة غوستاف كليمت الشهيرة «بورتريه أديل بلوش بوير 1» التي رسمها عام 1907. إنّه البورتريه الأول الذي رسمه لأديل إحدى سيدات الطبقة الراقية في فيينا التي كانت صديقة مقربة من الرسام. اللوحة تعتبر الأهم في مرحلة كليمت الذهبية التي استخدم فيها أوراق الذهب في لوحاته. أما أحداث الشريط، فمقتبسة عن القصة الحقيقية لماريا ألتمان (1916-2011) التي هربت من النمسا إلى الولايات المتحدة إبان الفترة النازية برفقة زوجها.

أثناء ذلك، نهب النازيون اللوحات الثمينة الأصلية التي كانت عائلتها تملكها منها لوحة «أديل...» التي تصوّر عمتها أديل وانتهى بها المطاف في المتحف الوطني في فيينا. إلا أنه بعد 50 سنة وبمساعدة المحامي راندي شونبرغ حفيد الموسيقي النمساوي أرنولد شونبرغ (1874-1951)، قررت ماريا المطالبة باستعادة لوحات كليمت.
لكنّ طلبها جوبه بالرفض في النمسا رغم وعود الحكومة بالتعامل بشفافية مع مسألة الأعمال الفنية المسروقة أثناء الفترة النازية. لكنّ الحكومة تحجّجت بوصية أديل القاضية بوهب اللوحات إلى المتحف بعد موت زوجها، لكنّ الوصية تعتبر باطلة قانوناً، فالنازيون استولوا على اللوحات قبل موت الزوج. بالتالي، فملكية اللوحات تعود إلى الزوج وليس لأديل التي لا يحق لها بالتالي التصرف بها.

مخيلة سينمائية متواضعة اتسم
بها الشريط
لذا، قررت ألتمان بمساعدة راندي رفع دعوى في المحكمة العليا للولايات المتحدة ضد حكومة النمسا لاستعادة اللوحات. تجسد هيلين ميرن دور ماريا ألتمان بأداء مخضرم ومحنك، ما ينقذ الفيلم من التبسيط الضحل التي تميل إليه الحبكة الروائية. إلى جانبها، يجسد رايان رينولدز دور المحامي راندي بأداء يميل إلى الميلودراما. تعابيره الجامدة لا تنسجم مع أداء ميرن الأكثر احترافاً. يُعنى الشريط في أغلبه بالتفاصيل المادية أو الملموسة من القصة، كما الدعوى القضائية، ويغفل جانبها الأكثر جمالية الذي هو محفز للمخيلة السينمائية، كما لوحة كليمت الذي لا يستكشفها الفيلم فعلياً من وجهة نظر فنية. رغم أن القصة الأساسية المتناولة تحمل كل المعطيات، إلا أنّه لو استغلت بطريقة أكثر ابتكاراً لكانت النتيجة مختلفة، كما علاقة بين الرسام وملهمته «أديل» أو حتى إشكالية ملكية العمل الفني التي هي بعد أكثر تعقيداً. لا يمنع ذلك أن هناك بعض المقاطع المؤثرة في الشريط كما عندما تستعيد ماريا ذكرياتها في فيينا، ورحلة هروبها إلى الولايات المتحدة التي تعبر عن ألم الذاكرة المسروقة كما اللوحة، وحاجتها لمواجهة ماضيها المؤلم ولو للمرة الأخيرة قبل موتها، والمطالبة بهويتها النمساوية التي انتزعت منها كما ذاكرتها... الأسلوب المباشر الذي يعتمده المخرج عبر الفلاش باك يعبر عن المخيلة السينمائية المتواضعة التي يتسم بها الشريط. كذلك، تتسم الحوارات بطابعها الميلودرامي كما عند الحديث عن الذاكرة والعدالة. أما اللغة السينمائية فهي تتميز بجماليتها الحميمة في بعض المشاهد بخاصة الليلية كما في تصوير فيينا، فيما تسهم الموسيقى (هانز زيمر ومارتن فيبس) في إغناء إيقاع الفيلم وتعوّض عن نقص المخيلة السينمائية فيه.

* Woman In gold: «غراند سينما» (01/209109) ـ «أمبير» (1269)