ربما انقضى العام الماضي سريعاً بالنسبة إلى جمهور «سينما الحمرا» في صور (جنوب لبنان). لكن الوضع مختلف تماماً لقاسم اسطنبولي الذي أعاد ــــ بجهود شبه فردية ــــــ تأهيل المكان بعد إغلاق دام ثلاثين عاماً. لم تسترح السينما من المهرجانات طوال العام، فيما لم يستطع الفنان الشاب تأمين الدعم الكافي للاستمرار. برغم الظروف التي يعد الوقوف في وجهها انتحاراً، يحتفل اسطنبولي مع الجمهور الصوري بعيد السينما الأول في النسخة الثانية من «مهرجان صور المسرحي»، الذي ينطلق اليوم، ويستمر حتى 10 حزيران (يونيو).
نظرة خاطفة على أنشطة السنة الأولى، تكشف رضى إسطنبولي عن حركة السينما على نحو عام. أقيم «مهرجان الموسيقى» و«مهرجان السينما» و«مهرجان المسرح»، إلى أجانب أسابيع فنية لصباح وفاتن حمامة استعيدت خلالها أفلام للفنانتين الراحلتين، بينما لم تتوقف عروض أفلام من كلاسيكيات السينما العربية والغربية. الأهم، بالنسبة إلى اسطنبولي، هو الجمهور الذي ازداد تردده على المكان من كل الأعمار، «استطعنا أن نخلق جمهوراً يشبه المدينة، لم تكن له علاقة ثابتة بالمسرح أو السينما من قبل» وفق ما يقول لنا. هذا طبعاً لا يمكن أن يخفي قلقاً لدى اسطنبولي بسبب حيادية كل الجهات المعنية، أكان في المدينة أم من قبل المسرحيين في بيروت، الذين لم يسهموا حتى في دعم النسخة الثانية من «مهرجان صور المسرحي». هذه السنة، يوجه المهرجان تحية إلى المسرحي اللبناني الراحل ريمون جبارة، فيعرض فيلماً قصيراً عن حياته بحضور أولاده. 8 مسرحيات وعرض راقص هي حصيلة المواعيد المشاركة من العراق والجزائر ومصر وإيران وتونس ولبنان يغلب عليها الطابع الشبابي، والإشكاليات السياسية والاجتماعية. قبل افتتاح المهرجان، سيجوب كرنفال في شوارع المدينة، فيما سيفتتح الحدث بعرض «زنقة الرجالة» للمصري محمد متولي. المسرحية التي يؤدي بطولتها أحمد راتب (ضيف شرف المهرجان)، وعبد الرحيم حسن، وهشام عبد الله، وعبير عادل، وشريف عواد، ووفاء السيد، ومحمد صلاح، ومحمد عبد الحكيم، تعالج بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الراهنة، التي تفجّرت في «ثورة 25 يناير».

تغوص «كفرت» في
مواضيع اليسار التونسي
والحرية
«عويل الزمن المهزوم» (7/6) هو عنوان العرض الجزائري الذي أخرجه رحمون ابراهيم عن نص للسوري اسماعيل خلاف، وتوِّج أخيراً بالجائزة الثانية في «مهرجان باجة للمسرح» في تونس. من خلال مونولوجات وحوارات (أداء «فرقة الأغواط») يعود الأموات إلى الماضي ليحكوا قصصهم وحكاياتهم. إنها ثيمة الوقت والزمن الفاصل بين الحياة والموت.
بعدما عرض أخيراً ضمن «مهرجان تونس للرقص»، يسائل عرض «كفّرتُ» الراقص (8/6 ــ تصميم: ماتيلد سوليتراس) علاقة الدين بالرقص والجسد. يستوحي الكوريغراف والراقص التونسي وائل المرغني حركاته من التصوّف ليصل إلى العلاقة والرابط العميق بين جوهر الدين (الإسلامي تحديداً) والفن في عرض يؤديه وحيداً على المسرح. من خلال هذه الإشكالية الأساسية في الإسلام، يتعمق «كفرت» في مواضيع سياسية منها اليسار التونسي والحرية. العرض العراقي «الطبيب والآخر» (8/6) للمخرج كريم خنجر يقارب الواقع العراقي السياسي الدموي، وطريقة استغلال الشبان وتحويلهم إلى إرهابيين. الختام مع الفرقة الإيرانية «سفير غروب» (10/6 ــ إخراج: حسن اينياتابور) التي تقدم عرساً تقليدياً في الشارع يؤديه 15 ممثلاً وممثلة. أما المشاركة اللبنانية، فتتمثل في «الهاوية» لهيثم الحاج التي يقدمها أحمد البابا، وهيثم الحاج، وديما الأوبري، ومحمد الخشن، ورشا بدور، كما يتناول «ما بقى بدها» (9/6) لزين العابدين السباعي القضية الفلسطينية من خلال الكوميديا والسخرية، إذ يتطرق أعضاء «فرقة 107» المسرحية إلى موقف العرب من هذه القضية والتضليل الإعلامي الذي تتعرض له. في عرضها (غير معنون) الذي تؤديه منفردة على الخشبة، مع عازف العود وسام حمادة، تحكي سارة قصير مجموعة من القصص الشعبية التي ترتكز على القيم والأمثال الشعبية اللبنانية. أما «ارتجال»، فهو عرض مسرحي يجمع بين الرقص وفنون الحكواتي. يعد العمل إحدى المسرحيات الثلاث التي عمل عليها قاسم اسطنبولي هذا العام، مع طلاب المحترف، وفيها يسقط الطلاب اللبنانيون والفلسطينيون والسوريون قصصهم وواقعهم الاجتماعي على شخصيات وسير أبطال مسرحيات شهيرة.
على هامش المهرجان، تقام أمسية شعرية باللغتين الإسبانية والعربية (7/6) تجمع أنا سندريرو ألفرس، واللبنانيين جورج غنيمة وسمير سكماني. كذلك تقام ثلاث ورش مسرحية. الأولى ورشة إعداد ممثل وفق نظام ستانسلافسكي، مع المخرج العراقي جمال الشاطي، وورشة للمخرج الجزائري هارون الكيلاني، وأخرى مع الليبية سعاد خليل. كذلك تقام ندوة حول «المسرح العربي إلى أين؟»، قبل أن يختتم المهرجان عند السابعة والنصف من مساء الأربعاء 10 حزيران (يونيو). في الاحتفال الختامي، ستوزع جوائز على الفائزين الذين تختارهم اللجنة المؤلفة من الإسبانية أنا سندريرو ألفرس، والليبية سعاد خليل واللبناني جورج غنيمة.

* «مهرجان صور المسرحي»: عند الخامسة من مساء اليوم حتى 10 حزيران (يونيو) ــ «سينما الحمرا» (صور ــ جنوب لبنان). للاستعلام: 70/903846