منذ 11 عاماً، أي ما يقارب عقداً من الزمن، خرج مالك مكتبي الذين كان مُعدّاً للتقارير في «كلام الناس»، الى فضاء أوسع، الى «أحمر بالخط العريض» (إخراج يوري تامر ــ رئيس التحرير جورج موسى). احتفى مكتبي بعامه الـ11 في حلقة بُثّت الأربعاء، حيث شبّه المقدم اللبناني برنامجه الشهير بـ«الطفل»، الذي كانت فئته (الأطفال) ضيفته في الحلقة، قائلاً: «بدأ البرنامج صغيراً» وتطور و«تمسّك بالحلم». بعدها، قفز مكتبي في هذه الاستهلالية ليتحدث عن «صياغة برنامجه للصح والغلط»، وتهديمه «فجوات» عدّة.بعد 11 عاماً، لا بدّ من وقفة عند «أحمر بالخط العريض» الذي يدغدغ عنوانه الحديث عن الخطوط الحمر وتخطّيها أو السير بين ألغامها. انقسم الاستديو الملوّن بالأحمر والأبيض الى شطرين. حجز مكتبي لكل منهما شهادات وحالات اجتماعية يتّسم أغلبها بالغرابة والخروج عن المألوف. باتت هذه المساحة بمثابة حلبة تصارع بين فريقين متناقضين. عمل مكتبي وفريقه في الدرجة الأولى على استقطاب حالات مبالغ فيها، الى حدّ أقصى، وعمد الى جلب حالات تقف على الضفة المتناقضة الى حدّ مبالغ فيه أيضاً. في سنواته الأولى، كان «أحمر بالخطّ العريض» من بين البرامج التي روّجت لموضة الستار والشخص الذي يقف وراءه مختبئاً، معدّل الصوت. أغلب هذه الشهادات كانت من نساء، بعضهن تعرّضن لجريمة اغتصاب أو لحالات عنفية. تلك الستارة البيضاء اجتمع حولها ضيوف البرنامج الاجتماعي، من الضفتين، وما بينهما مختصون إما في الطب أو المحاماة أو في علم النفس، تبعاً للموضوع المطروح في الحلقة. رافقت الشخص المتواري خلف الستار حفلة من التشويق للمشاهد والحضور معاً، عبر تحويله الى أحجية يكشف اللثام عنه في نهاية الحلقة.
عناوين شتى رافقت السنوات الـ11 للبرنامج الأسبوعي، أثارت ضجيجاً إعلامياً وشعبياً مع فتح ملفات مثيرة كالتحوّل الجنسي، والحماة والكنّة، وعاملات المنازل والسيدات. قضايا ظلت حديث الساعة حتى بعد انتهاء البرنامج، وكانت جديدة وقتها بعد طيّ صفحة «الشاطر يحكي» مع زياد نجيم. ومن دون الدخول في مقاربة غير عادلة (ستذهب الكفة حتماً الى «الشاطر يحكي»)، أرسى مكتبي نمطاً من البرامج التلفزيونية التي تستقطب جمهوراً عريضاً محلياً وحتى عربياً، لا سيما في حلقات البرنامج التي كانت تبث مباشرة وقتها، ومع فتح المحطة أبوابها على العالم العربي والتفاعل معه في هذه القضايا. قوام هذا النمط لعبة التضاد بين ذهنيات وسلوكيات متناقضة، عرف «أحمر بالخط العريض» كيفية توزيع أدوارها، واللعب على تناقضاتها بغية خلق أجواء من الإثارة والتشويق. ومع حلول السنوات الأخيرة، وقع البرنامج في فخ التكرار وخسر جمهوراً ذهب الى أماكن أخرى قد ترضيه، بعدما كرر مواضيعه وطريقة تعامله مع الشهادات والحالات الاجتماعية. وليس مستغرباً تعمّد البرنامج الخروج عن «الفورما» الخاص به، لينظّم مثلاً «ملكة جمال البدينات»، أو حلقات للأطفال للتعرف إلى مواهبهم، ويقيم مقارنات بين الجيل القديم والحالي. صحيح أن البرنامج اتّسم بجلب وحتى باختراع القضايا الاجتماعية المثيرة والأكثر غرابة، كحلقة تفضيل تربية الحيوانات على الزواج مثلاً، أو الامتناع عن ممارسة الجنس وغيرهما، إلا أنّ هذه القضايا ظلّت طيّ الاستعراض وعرض وجهات النظر بطريقة تشويقية كما أسلفنا. لم يستطع البرنامج طيلة هذه السنوات مقاربة ومعالجة قضايا تتسم بالعمق والحساسية العالية. ظل يدور في فلك الترفيه، ولم يصل يوماً الى مصاف البرامج الاجتماعية الحقّة. إذاً، خفت نجم «أحمر بالخط العريض» جماهيرياً، مع دخول برامج مماثلة الى الحلبة التلفزيونية بنسخات مختلفة. وفي عصر الإثارة والاستقطاب، وشحذ الجمهور، يبدو «أحمر» يتيماً في هذه المساحات، خاصة مع خروج الحلقة الأولى للنسخة الـ11 بضعف شديد.

* «أحمر بالخط العريض»: كل أربعاء 21:30 على lbci