يشارك «مترو المدينة» في احتفالية «مسرح المدينة» بعرض يستعيد جانباً من شخصية وأعمال سيّد درويش (1892 ــ 1923). فيما سبق وشاهدناه على خشبة المترو قبل أشهر، فإن مخرجه هشام جابر يقدم نسخة منقّحة من العرض بعنوان «عين الشيطان». لا تزال أعمال سيّد درويش محطّة يستعيدها ويرددها الموسيقيون من كلّ جيل منذ رحيله المبكر. إنه سيّد الأغنية والمسرح المقاوم والملتزم والفكاهي في آن، وصاحب مدرسة في الطرب الشعبي، وفي الأدوار والطقطوقة والموشّح، التي أنتجها في وقت قياسي بالنسبة إلى الفترة القصيرة التي عاشها. يستعيد عرض «عين الشيطان» المسرحي/الموسيقي، درويش من خلال أغان لحنها للأعمال المسرحية القديمة، ومنها تلك التي أصبحت جزءاً مهمّاً من التراث الشعبي المصري. العرض المُمَسرح لهذه الأعمال يتناول ما تعكسه هذه الأغاني اليوم. تكلم الموسيقي المصري عن المجتمع المصري وأبطاله وقصصه الصغيرة، غنى هموم الطبقة العاملة بوجوهها المختلفة، والاستعمار والوطن والحبّ. أمّا الجانب الذي سنكتشفه من شخصيته في «عين الشيطان» فهو الوجه «المظلم» لدرويش، بحسب وصف هشام جابر في حديث مع «الأخبار». من خلال البحث في أعماله وسيرته، يذكّر جابر بأن ثورة 1952 في مصر تبنت سيد درويش وجعلته فناناً قومياً أو «فنان الشعب»، حيث حُصرت أعماله بتلك القومية منها والوطنية. يضيف هشام: «شخصية سيّد درويش تحتمل الكثير. كان يتعاطى المخدرات ويرتاد الملاهي الليلية ويرافق فتيات الليل...». لكن الإعلام يحبّذ غالباً تجاهل هذا الجانب، مع أنه حاضر في العديد من أعمال المؤلف الأسطورة مثل «لحن الحشاشين»، و«الكوكايين»، و«أوعا يمينك». يقول هشام «نحاول إبراز هذا الوجه المُظلم من أغانيه، ونحاول أن نراها في عام 2016... فمثلاً، من هم الشيّالين الذين غنى لهم وماذا يحملون على أكتافهم اليوم؟». العنوان وثيمة العرض أيضاً يتناولان فكرة وأسطورة الشيطان في المجتمع العربي والشرقي، حيث يلقي عليه الناس بخطاياهم. تمّت إعادة توزيع الموسيقى مع عدم التقيّد إلزاماً بلحن المسرحية الأصلي التي اقتطعت منها الأغنيات، كي تجاري المشاهد التي صممها جابر. كما تحضر آلات كالبيانو والكونترباص، ستبعد الأغنيات عن الصوت الشرقي البحت، مثل «ايه العبارة»، و«سالمة يا سلامة»، و«بصّارة براجة»، و«لحن الشيالين»، و«عشان ما نعلا ونعلا»، و«حرج علي بابا»، و«لحن الشيطان»، و«يا ناس أنا متّ فحبي»، و«القلل قناوي»، و«لحن المؤامرة». من ناحية أخرى، يشكل العرض فرصة جديدة لمريم صالح في مشوار استعادتها الأعمال الغنائية للشيخ إمام وأحمد عدوية، وفي «مسرحة هذه الشخصيات»، كما قالت لـ «الأخبار» سابقاً. في «عين الشيطان»، ستؤدي الفنانة المصرية أغنيات درويش وستكون هي المهرّج «السوداوي» الذي يقدم الحفلة. تشاركها فرقة موسيقية مؤلفة من مارك ارنست (بيانو) وبشار فران (كونترباص) وعماد حشيشو (عود)، وسهيل الزيتوني (ناي) وأحمد الخطيب (ايقاع). يتضمن العرض لوحات بصرية من تصميم نادين توما، الى جانب الإضاءة بالأبيض والأسود التي ستعيدنا الى بدايات مسرح الظلّ، لتأخذنا في رحلة «مع الشيطان» على حد وصف جابر.