للمرة الـ 16، تدق ساعة «مهرجان بيروت الدولي للسينما». الحدث المنتظر يعد جمهوره ببرمجة متنوّعة، تضمّ 76 فيلماً، منها 31 شريطاً قصيراً. مسابقتان للأفلام الشرق أوسطية الوثائقية (9 أفلام) والقصيرة (20 فيلماً)، إضافةً إلى فئتي «البانوراما الدولية» (21 فيلماً طويلاً، 4 أفلام قصيرة) و«جبهة الرفض» (18 فيلماً). هذه الأخيرة فئة خارج المسابقة، تضمّ قسم «الساحة العامة» (16 فيلماً)، وفيلماً عن البيئة (أهمية الماء)، وآخر عن الغذاء (المطبخ الياباني التقليدي). قضايا اجتماعية أساسيّة تناقشها «جبهة الرفض»، كالفقر، والتشرّد، والتسوّل، واللجوء، والعودة إلى الحياة، وتحدّي الذات، وقبول الآخر. يرأس لجنة التحكيم الممثل والمخرج اللبناني كارلوس شاهين بعضوية كل من مديرة الاتصال والإعلام في الهيئة الملكية الأردنية للأفلام ندى دوماني، والزميل بيار أبي صعب.منذ انطلاقه عام 1997 داخل عدد من الخيم الكبيرة في وسط بيروت، لم يتوقف BIFF عن التطوّر، ومواكبة الراهن، والتأثّر بمحيطه الجغرافي الملتهب. بدأ بعرض ما صُنِعَ خلال الحرب الأهليّة وما بعدها، مع 25 عنواناً عربياً وأجنبياً. توقف أعوام 2002، 2004، 2005، 2007 بسبب الظروف السياسية والأمنية (نُظّمَ مهرجان صغير عام 2003). أقلع بعد شهر واحد على حرب تموز 2006، مقتصراً على 16 شريطاً، ومن دون رعاة. آنذاك، قدم عدداً من الضيوف لإظهار الدعم والمؤازرة، منهم المدير الفني لـ «مهرجان البندقية السينمائي» ماركو مولر. الموسترا الإيطالي ساند نظيره البيروتي بقوّة في دورته ذلك العام. منذ نسخة 2008، عرف «مهرجان بيروت» استقراراً مستمرّاً رغم خضّة العام الفائت، إذ اعتذر عدد من المدعوّين عن عدم الحضور، بسبب اعتصام وسط بيروت. انتهى به الأمر إلى مسابقات من دون لجنة تحكيم، فحلّ مكانها تصويت الجمهور على الجوائز. في سجلّه الذهبي، استقبل كبار السينمائيين مثل كوبولا (2009)، وكيارستمي (2000) الذي أقام ورشتي عمل لاحقاً، إضافةً إلى جولييت بينوش وإيزابيل أوبير، وكثير من النجوم العرب والمحليّين. مع ذلك، لم ينسَ دعم شباب السينما اللبنانية، فقدّمهم إلى العالم، ومنحهم فرص التشبيك وجلب الدعم والتمويل.
عرض 6 أفلام قصيرة عن «لبنان ما قبل الحرب» الأهلية

في المؤتمر الصحافي الذي أقيم في أحد الفنادق البيروتية، عرضت مديرة المهرجان كوليت نوفل تشريحاً وافياً لبرمجة هذه الدورة التي «تتميز بالتنوع، فبعضها من أفضل ما عُرِض في «مهرجان كان الفرنسي». أما البعض الآخر فكان ضمن برامج مهرجانات أخرى». المخرجون الشباب «يتميزون بمواهبهم وتنوّع خلفياتهم، فبعضهم مشهورون وناجحون وربحوا جوائز عدّة، والبعض الآخر مخرجون صاعدون غير معروفين بعد، وهم أمل السينما في المنطقة».
ماذا عن التيمات والمحتوى؟ أوضحت نوفل: «تسلّط أفلامنا الضوء على مجموعة متنوّعة من المواضيع، كالهجرة والنزوح والإرهاب والحروب الأهلية، وتصل إلى تجارة الأعضاء والناس، والاستعباد الجنسي، والعنف الزوجي، وقضايا المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي والمتحوّلين جنسياً». 95% من الأفلام المشاركة تهتمّ بمشاكل كهذه، في تأكيد متجدّد على أنّ عدسات المنطقة مشتعلة بأزماتها، «فرغم أهمية التغطية الإخبارية التقليدية لهذه المشاكل، يتميّز الفنّ السابع بقدرة خاصة على إحداث خرق عاطفي ووضع المسائل المطروحة في الواجهة».
الافتتاح بـ «الفتاة في القطار» (الليلة – س: 7:30) لتيت تايلور. السينمائي الأميركي (1969) يدخل عالم التشويق باقتباس عن رواية باولا هوكينز، بعد إقلاع كوميدي في Pretty Ugly People، ومرشّح الأوسكار المناهض لقمع ذوي البشرة السوداء خلال ستينيات النضال المدني «الخدمة» (2011)، والبيوغرافي عن ملك السول والفانك جايمس براون Get on Up. «رايتشل» (إميلي بلانت) المطلّقة حديثاً، تستقل القطار إلى عملها كل يوم في نيويورك (موقع المهرجان يتشبّث بلندن كما الرواية الأصلية!). تمرّ ببيتها القديم، فتشغل نفسها بمراقبة الحياة المثالية لزوجين شابين يعيشان في الجوار. تختفي الزوجة فجأةً، فتجد «رايتشل» نفسها متورّطة في ذلك. على غرار Gone Baby Gone لبين أفليك (2007) و«فتاة مفقودة» (2014) لديفيد فينشر، تبدأ طبقات الاختفاء الغامض بتقشير نفسها تباعاً. لا شيء كما يبدو للوهلة الأولى. تحيّة الوداع بالوثائقي «الاثنين الأول من شهر أيار» (13/10 – س: 7:30) لأندرو روسي، الذي افتتح «مهرجان ترايبيكا» الأخير. روسي يدخل كواليس الأزياء والمشاهير، من خلال حدثين توأمين ضخمين: عرض للأزياء الغربية المستوحاة من الحضارة الصينية ينظّمه «متحف متروبوليتان للفنون» بعنوان «الصين: عبر المرآة»، والعشاء السنوي الذي تقيمه رئيسة تحرير مجلة «فوغ» آنا ونتر. العدسة تمارس نوعاً من التسلل عبر الباب الخلفي لأبرز حدث في دنيا الموضة. تتيح الفرجة تلاقي الثقافات، وتفاعل التيارات بين المدارس التقليدية والتقليعات الجديدة. تكشف عن وجوه أخرى لنجوم الفاشن والغناء والتمثيل. روسي معتاد على صنع وثائقيات «خلف الكواليس»، و«كيف تُصنَع الأحداث»، مع تأثير ذلك على أصحابها. بدأ بافتتاح المطاعم الشهيرة ومطابخ الطعام، وتابع بمطابخ التحرير الصحافي في شريطه البارز «الصفحة الأولى: داخل نيويورك تايمز» (2011)، قبل أن يناقش حال التعليم العالي في «برج عاجي» (2014). على الهامش، ثمّة 6 أفلام قصيرة عن «لبنان ما قبل الحرب». «شهادات حيّة بالكاميرا» عن «لبنان المذهل» في ستينيات القرن العشرين، مثل «أهلاً وسهلاً» (5 د.) و«رسالة من لبنان» (9 د.). وزارة السياحة اللبنانية رمّمتها، لتُعرَض قبل عدد من أفلام المهرجان. كذلك، يُعرَض وثائقي قصير (8 د.) عن مايكل حداد، الذي يلقي كلمةً في الافتتاح. الرياضي اللبناني (1981) تحدّى إعاقته البدنية بإنجازات رياضية، منها تسلّق صخرة الروشة عام 2014، ليصبح سفير الأمم المتحدة للتغيّر المناخي.

* «مهرجان بيروت الدولي للسينما»: بدءاً من اليوم حتى 13 تشرين الأول (أكتوبر) ــ عرضا الافتتاح والختام في صالة IMAX الجديدة التابعة لسينما VOX في مجمّع «سيتي سنتر» (الحازمية) ـــ بقيّة العروض في «غراند سينما» (ABC الاشرفية) وVOX ــ للاطلاع على برنامج العروض كاملاً انقر هنا ــــ beirutfilmfestival.org