دخلت المالية فاتوماتا دياوارا عالم الفن من باب التمثيل، بعدما أسند إليها المخرج شيخ عمر سيسوكو دوراً أساسياً في فيلمه «سفر التكوين» عام 1999. شقت طريقها لاحقاً في مجال الغناء والتأليف الموسيقي متحدية العائلة والمحيط. سنراها مساء الاربعاء تغني في «ميوزكهول» ضمن أمسية من تنظيم «ليبان جاز» و«الفتريادس». منذ انطلاقتها، لا تكفّ فاتوماتا دياوارا عن رفع التحديات وتطوير نفسها، بالعمل مع أسماء معروفة في مجال الموسيقى وبإظهار جرأة واندفاع لا حدود لهما. هي أيضاً من الموسيقيات اللواتي يقفزن من مهرجان الى آخر ويقدّمن الحفلات في أنحاء العالم، متيحة لجماهير تلك البلدان الفرصة لاختبار أفق موسيقية جديدة. تجمع غالباً في أعمالها بين حبها للفن السابع الذي انطلقت منه وشغفها وموهبتها في الموسيقى. هي من وقّع موسيقى فيلم «تمبكتو» لعبد الرحمن سيساكو، الذي عُرض ضمن المسابقة الرسمية في «مهرجان كان» عام 2014. كما نال 7 جوائز «سيزار» فرنسية في العام التالي.
تغنّي الهجرة غير الشرعية والزيجات المفروضة والختان الممارس على الفتيات

عندما كانت لا تزال في الـ25 من العمر، انطلقت في مغامرة أضفت الكثير على مسيرتها. اضطلعت بدور الساحرة كارابا في المسرحية الموسيقية «كيريكو وكارابا» المقتبسة من فيلم التحريك الشهير. دور اعتبرته الأحبّ إلى قلبها مراراً. تماماً كما في حالتها، تمثّل الشخصية التي اضطلعت بها المرأة صاحبة الماضي المؤلم، وتلك التي تتمتع في الوقت عينه بالقوة، فهي لا يسعها أن تسكت عن الخطأ أو الظلم الذي تراه. في طفولتها، تأثرت كثيراً بموت شقيقتها عندما كانت في السابعة، فراحت تستخدم الصوت والموسيقى وسيلة للتعبير عن حزنها ومحاولة للتواصل مع الفقيدة.
الطريق المهني الذي اختارته لنفسها جعلها تبتعد عن عائلتها التي بالكاد تربطها بها أي علاقة اليوم. أقرت ذات مرة إن الفنانات في أفريقيا أشبه ببائعات هوى، على استعداد لخيانة أزواجهن بسبب حياة السفر التي يعشنها. لكن لا شيء أقوى من رغبة دياوارا في فرض نفسها وتحقيق ما في رأسها. عندما لا تجد الأدوار المناسبة التي تلائم تطلعاتها، تقوم بنفسها بالكتابة والتأليف.
منذ وصولها مراهقةً الى فرنسا، راحت تتعاون مع كبار الفنانين. غنّت مثلاً مع روبرتو فونسيكا، وتعاونت مع دي دي بريدجووتر، وهربي هانكوك كما أنها غالباً ما تكون ضيفة الفرقة الاميركية «ذا روتس». جمعت قبل عامين نحو 47 فناناً لتقديم «ماليكو»، أغنية أمل للسلام في مالي.
كان «فاتو» الألبوم الاول الذي أصدرته عام 2011، حيث تطرقت الى الموسيقى التقليدية «واسولو» التي كانت أول ما سمعته من موسيقى وجعلها تُفتن بهذا الفن، مازجة إياها بأنماط الفولك والبلوز والجاز. أغنياتها فيها شيء من النعومة والأمل رغم تناولها مواضيع قاسية من واقع الحياة الافريقية، كالهجرة غير الشرعية والزيجات المفروضة والختان الممارس على الفتيات. ميزة تلك الاغنيات احتضانها في الوقت عينه للروح الافريقية ولغة وأنغام المنطقة التي ترعرعت فيها، وابتعادها في المقابل عن استخدام أي آلات تقليدية. نرى دياوارا غالباً على المسرح مع آلة الغيتار التي تساعدها على مرافقة صوتها في موسيقى يصعب تحديدها في إطار جغرافي أو نمطي معين. على المسرح، كما في الأشرطة المصورة التي أُنجزت لأغنياتها، من الواضح أن دياوارا تمتلك طاقة داخلية قوية جداً مليئة بالشغف وبالحاجة الى هذا التعبير الموسيقى الذي يأتي عبر صوتها الدافئ المطبوع ببحة خفيفة، لتخرج ما لديها من مخاوف وقسوة. هي لطالما اعتبرت الفن عموماً والغناء خصوصاً أشبه بعلاج ينسيها كل شيء آخر. لا داعي لفهم اللغة التي تغني فيها دياوارا. يكفي الاستسلام فقط الى جمال الموسيقى التي تؤديها والى الحنان والحب الموجودين في صوتها الخاص.

فاتوماتا دياوارا: 21:00 مساء الأربعاء 14 أيلول (سبتمبر) ـــ «ميوزكهول» (واجهة بيروت البحرية) ــ للاستعلام: 01/361236




احكيني موسيقى

يسر «دار النمر للفن والثقافة» و«ليبان جاز» الإعلان عن بدء شراكتهما في تنظيم سلسلة لقاءات موسيقية دورية، بالتعاون مع جريدة «الأخبار». ضيفة اللقاء الأوّل ستكون الفنانة فاتوماتا دياوارا يوم الثلاثاء في ١٣ أيلول (سبتمبر) عند الساعة الثامنة والنصف. يدير الحوار بشير صفير، الناقد الموسيقي في جريدة «الأخبار»، ومعه سنتعرّف أكثر إلى دياوارا وإلى تجربتها الموسيقية. الدخول مجاني.