كان هاجسه دمجكانت الدموع ومشاهد الحزن تلفها، وفي الوقت عينه، كانت لائحة المتحدثين الذين عاصروا الراحل لا تنتهي، في تقديم شهاداتهم على الهواء، بعدما خصص نهار أمس لتحية رضوان حمزة وايضاً لنائب الأمين العام للحزب الشيوعي كمال البقاعي الذي رحل أمس، بعدما كان مناضلاً عسكرياً بوجه الإحتلال الصهيوني. بحسرة كبيرة، يبكيه مدير الإذاعة سمعان بو موسى، الذي تعرّف إليه أخيراً بعد دخوله في دوامة المرض. تفيض الألقاب التي يرثي بها الراحل أمامنا. يشيد بهدوئه وقوته ودفاعه عن حقوق الناس، ومقاومته للمرض وإصراره على التفكير في الدورة البرامجية الجديدة. يذكر لنا بو موسى مدى تواضعه ونكرانه لذاته، وخسارة الإذاعة المزدوجة اليوم لركنين فيها: المناضل كمال البقاعي الذي «قاوم بالبندقية»، و«رضوان حمزة المقاوم بالعلم والثقافة».
فكرة العمل الحزبي والوطني
مع الفني والمسرحي
في عام 1978، دخل رضوان حمزة «صوت الشعب». كان يجاوره في مكتبه العامل اليوم في قسم «الأخبار» محمد شكرون، الذي كان يحضّر لمرثية تليق بصديقه وزميله. شكرون نقل في حديث معنا، هاجس حمزة «العلماني والشامخ الصامد»، في دمج فكرة النضال الحزبي والوطني مع الفني والمسرحي بالتحديد، وتوجيه أصابع الإتهام الى السلطة السياسية المسؤولة عن تردي الأوضاع في لبنان.
رضوان حمزة الناقل لأوجاع الناس، الذي انتخب عام 2012 نقيباً لـ «نقابة الإعلام المرئي والمسموع»، ودافع بشراسة عن المجازر التي تحصل في المؤسسات الإعلامية جراء عمليات التسريح، كان ينوي فصل نقابته عن «نقابة الصحافة» وكسر الإحتكار الذي يزنرها، لكن كانت محاولة فقط. درس الراحل الفلسفة والحقوق، قبل أن يكتشف أنه أضاع وقته في هذين الإختصاصين، بعدما ذاق حلاوة المسرح ومعهد الفنون (1982-1985). بعدها، انخرط مع المخرج الراحل يعقوب الشدراوي، وشارك في مسرحية «الشهيد ابن البلد» (1984)، التي جمعت الممثلين أحمد الزين ونقولا دانيال.
على خشبة «قصر الأونيسكو» عام 1999، أخرج وأدى بطولة مسرحية «رؤية»، التي كتبها أحمد علي الزين نقلاً عن مسرحية «أوديب» الشهيرة. وفي جعبته أيضاً «مصرع دونكيشوت» المستندة الى ديوان «رسائل وحشية» للراحل محمد العبد الله، و«الرسولة»، المأخوذة عن قصيدة «الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع» للراحل أنسي الحاج، فضلا عن الإخراج والتمثيل المسرحي، كان حمزة دينامو «صوت الشعب» في الإخراج (يا صبي يا أزعر يا لذيذ، إسمع يا رضا، وأوراق مهرج...)، وإدارة البرامج داخلها، وفي التدريب الإذاعي، حيث تخّرج عشرات الصحافيين/ات على يديه، كما كانت له مشاركات قليلة في السينما مع المخرجة جوسلين صعب (فيلم «غزل البنات»)، و«الجنوب الثائر» للسوري رضا ميسر. في بداية التسعينيات، عاد إلى «الكلية العاملية» (رأس النبع) التي تتلمذ فيها. هناك أسهم في تقريب مادة المسرح الى جيل ربما لم يفقهها. في حوار مع صحيفة «الديار» العام الماضي، عبّر حمزة عن سروره لكونه ولد في «زمن عاصي الرحباني وفيروز وزياد»، العصر الذهبي الذي مارس خلاله وظيفة النقد المسرحي الإذاعي، وايضاً وقف مع زياد الرحباني مؤدياً بصوته مقالاته في مناسبات كثيرة آخرها قبل عامين على خشبة مسرح «المركز الثقافي الروسي»، وظل صوته حاضراً أيضاً في ألبوم «ما العمل؟» (الجمهورية ب) الذي أصدرته «الأخبار» قبل أشهر.
* يصلّى على جثمانه ويوارى الثرى اليوم في مسقط رأسه في بلدة كفرحتى (قضاء صيدا ـ 12:30). تقبل التعازي طوال أيّام الأسبوع في منزله في كفرحتى. * تتقبل اللجنة المركزية للحزب الشيوعي وأهله التعازي في 14 أيلول (سبتمبر) في «جمعية خريجي الجامعة الأميركية (الوردية ــ بيروت ـ من الساعة الثانية إلى الساعة السابعة عصراً)
* تخصص إذاعة «صوت الشعب» اليوم تحية للراحل مواكبةً لمثواه الأخير في بلدته «كفرحتى»، على أن يخصص يوم غد تحية الى المناضل الشيوعي كمال البقاعي.