بعد مرور تسعة أعوام على أحداث «هاري بوتر ومقدسات الموت»، أصدرت جاي كاي رولينغ (الصورة)، ثامن أجزاء سلسلة «هاري بوتر». لكن بخلاف الأجزاء السابقة، اعتمدت رولينغ هذه المرة أسلوب المسرحية لسرد أحداث «هاري بوتر والطفل الملعون»، الذي كشفت الكاتبة أخيراً أنه سيكون الجزء الأخير.تجري أحداث الكتاب بعد 19 عاماً من معركة هاري مع «اللورد فولدومورت» حينما هُزم الأخير. ويسلّط الكتاب الضوء على العلاقة المضطربة بين هاري وابنه الأوسط ألبس سفيرس، الذي سمي تيمُناً بألبس دمبلدور وسيفرس سنايب اللذين ضحيا بحياتهما من أجل هاري. تتجذّر المشكلة بين هاري وابنه في كون الأخير ابن «الصبي الذي أنقذ العالم»، إذ لا يكف الناس عن مقارنته بأبيه، ما شكل لدى ألبس عقدة أصبحت عائقاً بينه وبين هاري، الذي يحاول بدوره جاهداً التقرب منه.
يتطرق الكتاب إلى
جانب لم نعرفه سابقاً في شخصية مالفوي

ازدادت الأمور سوءاً على أثر التحاق ألبس بمدرسة «هوغورتس»، التي ارتادها والده. في «هوغورتس»، تختار القبعة السحرية لكل طالب في يومه الأول «منزلاً» من بين أربعة، بحسب شخصيته وقدراته: «غريفندور» (يتميز أفراده بالشجاعة والشهامة)، «هافلباف» (يتميز أفراده بالصبر والعمل الدؤوب)، «رافنكلو» (يتميز أفراده بالإبداع والذكاء الشديد)، و«سليذرين» (يتميز أفراده بالطموح، المكر وحسن التدبر). لم يسر ألبس على خطى والده وأخيه الكبير، إذ شاء القدر أن يُوضع في منزل «سليذرين»، الذي يشتهر أفراده بمناصرتهم لفوردمورت في الحرب السابقة.
لم يكن واقع أن ألبس فرد من «سليذرين» الأمر الوحيد الذي أقلق هاري، الذي يعمل موظفاً حكومياً في «وزارة السحر»، بل أيضاً، أن أعزّ أصدقائه هو سكوربيوس مالفوي، ابن درايكو مالفوي، عدو هاري اللدود أيام المدرسة، وأحد أتباع فولدومورت السابقين.
يعود ألبس وسكوربيوس في الزمن إلى سنة هاري الرابعة في «هوغورتس»، لينقذوا سيدريك ديغوري من فولدومورت. فماذا لو لم يمت سيدريك ديغوري؟ تجعل رولينغ من هذا السؤال نقطة محورية تغيّر كل شيء.
سَرد القصة على شكل مسرحية، حرم متتبعي السلسلة من أسلوب رولينغ المعتاد، فغاب الوصف الدقيق للمحيط ولتعابير الوجه والجسد. لكن رغم غياب تلك العناصر، إلا أنّ لهذا الجزء سحره الخاص، الذي يكمن في حبكة القصة، التي تعيد المتتبع إلى مقتطفات من الأجزاء السابقة، أبرزها الثالث، الرابع والسابع. كذلك، إن التزام رولينغ في هذا الجزء بكل «قوانين وخصائص» عالم سلسلتها السحري: الرصيف «تسعة وثلاثة أرباع»، القبعة السحرية، الغابة المحرمة، الساناتورز، العمالقة، صفوف الجرع السحرية، دروس الطيران، السحر الممنوع…، عزز من تميز هذا الجزء. بالإضافة ذلك، تضمن الكتاب عودة أهمّ شخصيات السلسلة، حتى تلك التي ماتت في الأجزاء السابقة مثل دمبلدور، سنايب، فولدومورت، وديغوري.
أما اللافت فهو أن رولينغ طورت شخصية درايكو مالفوي، من دون أن تغير صفاته بشكل جذري. وقد تكون هذه الشخصية هي التي أنقذت الكتاب من الفشل الذريع، إذ تطرق الكتاب إلى جانب لم نعرفه سابقاً في شخصية مالفوي، بعدما اعتدناه متعجرفاً وماكراً. في السابق، ظهر لنا مالفوي طالباً متنمراً، ناصر فولدومورت في الحرب الأخيرة قبل أن ينسحب. لكن، في هذا الجزء، نتعرف إلى مالفوي الزوج والأب والصديق والساحر الماهر، الذي يقرّ بأنه لم يختر الحياة التي عاشها قبل 19عاماً، بل فرضت عليه. وفي حين أن أسلوب مالفوي بالتعبير عما يجول في باله لا يزال فجّاً، إلا أنه في أكثر من مشهد، يستحيل تجاهل لطفه، مع السيدات بشكل خاص، إذ لم تكن تصدر عنه عبارات كـ «أنا أعتذر» أو«لو سمحت» في القصص السابقة.
«هاري بوتر والطفل الملعون» ليس «مريعاً» كما وصفه العديد من متابعي سلسلة «هاري بوتر»، ممن اشتروا الكتاب. صحيح، قد لا يكون العمل بروعة ما سبقه من أجزاء من سلسلة «هاري بوتر»، غير أنه ليس بالأمر المفاجئ، إذ، وكما عبرت كاتبة العمل، فقد «صبّت كل إبداعها في الأجزاء السبعة الأولى».