الحرب السوريّة تحضر في «بانتظار الخريف» لجود سعيد، و«فانية وتتبدّد» لنجدة أنزور
السينمائي السوري محمد ملص يرأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة. رشيد بوشارب يشارك بجديده الذي لم يلامس التوقعات «الطريق إلى إسطنبول» (92 د.). الأم البلجيكية تهلع لإقدام ابنتها على السفر إلى سوريا، فتقرّر اللحاق بها لإنقاذها من براثن التطرّف. لطفي بوشوشي حاضر بباكورته الروائية «البئر» (90 د.)، إذ يجد سكّان إحدى قرى الجنوب الجزائري أنفسهم محاصرين بجنود الاحتلال، فيقعون بين فكّي كمّاشة: العدوّ في الخارج، والعطش في الداخل. الشريط مرثية نضال محفورة بالوجع، ومنافس مدجّج بجوائز مسقط والإسكندرية ووجدة المغاربي. ريم الأعرج تكمل ثلاثية البلد المضيف بـ «الظل والقنديل» (82 د.). ابنة الروائي الشهير واسيني الأعرج توثّق إضراب الطلبة 19 أيار/ مايو 1956، وتضحيات النخبة الجزائرية المتعلّمة في مقاومة الاحتلال الفرنسي. الحرب السوريّة تحضر في «بانتظار الخريف» (113 د.) لجود سعيد، و«فانية وتتبدّد» (120 د.) لنجدة أنزور. في الأوّل، يُخطَف سينمائي من قبل جماعة متطرّفة، فيما تصرّ قرية حبيبته على الحياة. الثاني ردّ مباشر على إرهاب «داعش» وممارساته. من لبنان، يصل ميرجان بو شعيا بـ «فيلم كتير كبير» (107 د.). شريط محكم انطلق من «مهرجان تورونتو» وحاز ذهبية مراكش. مناخ عصاباتي متبّل بالطائفية والعنف وتوحّش الإعلام، يجيد التعبير عن عبثية الواقع اللبناني وتناقضاته. عمر شرقاوي أثار الكثير من الجدل بفيلمه المنهك للأعصاب «المدينة» (90 د.)، إثر عرضه الأول ضمن مسابقة «مهرجان دبي» الفائت. من دون حقن مورفين أو مبرّرات درامية أحياناً، يعرّي هذه المنطقة الملعونة من العالم. رؤية مظلمة قد لا تروق البعض، محمولة على تيمة «العودة إلى البيت». السينمائي يقيم ويعمل ويطوّر نفسه في الخارج، قبل أن يقرّر الالتفات إلى الجذور، وقراءة الأوطان والهويّة من منظور مختلف: لنعاين الأضرار على الأرض. شرقاوي يكتب ويمثّل ويقترح سينماتوغرافيا لافتة. مجهود هائل لا يعيبه سوى التشظّي والتفرّعات المبتورة في السيناريو. في باكورته الروائية «صمت الراعي» (104 د.)، يعتصر العراقي رعد مشتت الذاكرة المثقلة بمرارة النظام السابق، مستعيداً هول الإعدامات الجماعية والمقابر الصحراوية. الصغيرة «زهرة» تدفع ثمن الاستبداد الحكومي والعشائري، وصمت الشاهد الوحيد على ذلك. المصريّة هالة خليل تتلو بيان «الغلابة» عن ثورة 25 يناير من خلال «نوّارة» (122 د.)، التي تشهد التفاوت الطبقي المرعب بين حارتها المنسيّة و«كومباوند» الفيلا التي تخدم أصحابها. باستثناء حلم ساذج بالإفادة من استرداد أموال منهوبة في عهد النظام السابق، لم تأتِ الثورة بجديد إلى عالم «نوّارة» الزاخر بالشقاء. طرح لا يشبه ذاتية إبراهيم البطوط، بل إنّه أقرب إلى «فرش وغطا» (2013) لأحمد عبد الله، فيما يحاول «بعد الموقعة» (2012) ليسري نصر الله التوفيق بين التوجهين، ولو من منظور آخر. «نوّارة» منتشلة من واقعية روسيليني ودي سيكا وفيسكونتي الإيطالية، واستمرار لواقعية محمد خان وعاطف الطيّب وداود عبد السيّد وخيري بشارة، بألوان أخرى وصورة حديثة تبعث على التفاؤل، رغم ألم الطرح والنهاية المفتوحة. «صائد الجوائز» الإماراتي سعيد سالمين يرافق الفتى سلطان الذي يبحث عن جدّته في «ساير الجنة». فيلم طريق يحافظ على وصفة العوائق والمواقف الغريبة خلال الرحلة من أبو ظبي إلى الفجيرة. هناك شبكة لتهريب المتطرّفين إلى سوريا في «خسوف» (102 د.) لابن «المسرح الجديد» في تونس الفاضل الجزيري. أخيراً، يفتح المغربي سعيد خلاف ملف أطفال الشوارع في «مسافة ميل» (110 د.) بكلّ عسفه ووحشيته.
الجزائري رشيد بن علال يقود لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية القصيرة. المنافسة تنحصر بين مرشح الأوسكار الذكي «السلام عليك يا مريم» (14 د.) لباسل خليل، والمحكم «حار جاف صيفاً» (32 د.) لشريف البنداري، والكوميدي الحاذق «غصرة» (26 د.) لجميل النجار. أيضاً، يشارك فيلمان سوريان، هما: «روزنامة» (15 د.) لنادين تحسين بيك، و«تساقط» (9 د.) لعلي العقباني في الوجبة الوثائقية، يبرز «أبداً لم نكن أطفالاً» (99 د.) للمصري محمود سليمان، مع سجلّ جوائز دولية من دبي (أفضل فيلم غير روائي، وأفضل مخرج) والأقصر وتطوان وميلانو.