ست سنوات مرّت على إطلالة «مشروع ليلى» للمرة الأولى في مهرجان لبناني، عندما شاركت الفرقة التي لم تكن قد أثبتت نفسها حقاً حينها في مجال الموسيقى المستقلة على جمهور «مهرجان بيبلوس». مهرجان المدينة الساحلية الذي تميّز من بين المهرجانات اللبنانية الأخرى في إفراده مساحة دائمة لفرق روك وبوب شبابية، سيجدد موعدنا مع الفرقة في 5 آب (أغسطس) المقبل. سيعتلي أعضاء الفرقة حامد سنو (غناء) وهايغ بابازيان (كمان) وفراس أبو فخر (غيتار وكيبورد) وكارل جرجس (درامز) وإبراهيم بدر (باص) مجدداً مسرح القلعة لكي يقدموا أغنيات ألبومهم الجديد «ابن الليل» (2015) إلى جانب أغنيات من ألبوماتهم الثلاثة السابقة. عندما أُدرجت حفلتها ضمن برمجة «مهرجان بعلبك» قبل أربع سنوات تعرّضت الفرقة إلى نقذ لاذع، حيث قسّمت تلك خطوة الآراء حينها بين مؤيد لانفتاح المهرجان على جيل جديد من الموسيقيين في حين اعتبره المحافظون خطوة ناقصة. لكن «مشروع ليلى» بيّنت في السنوات الأخيرة، أنها فعلاً من الفرق التي تعمل وتعيد ابتكار نفسها عبر أعمال طُبعت بصوت وموسيقى وكلمات فريدة. مع ألبومها الرابع الذي أصدرته أخيراً تحت عنوان «ابن الليل»، لا تزال الفرقة تسعى الى التجدد في كل عمل تقدّمه، للتميز على ساحة الموسيقى البديلة، ليس في لبنان فحسب بل على نطاق أوسع. أعداؤها هم من رافضي التطور في الموسيقى ومن القراء السطحيين لفنها وتجربتها. منذ الألبوم الأول الذي حمل اسم الفرقة (2008) إلى الثاني «الحل رومنسي» (2011) فالثالث «رقصوك» (2013) والرابع، حرصت الفرقة على إنجاز أغنيات تظهر بمعظمها تجارب شخصية وأمور عامة تؤثر في الشباب في البلد كمسائل الحب والقضايا الاجتماعية. وفي حين برز النفس النقدي دائماً، جمعت بين الميل إلى الخفة والسخرية في الظاهر، والجدية في معاني الكلمات وجاذبية الألحان التي اعتمدت فيها على أنماط الموسيقى الغربية كالروك، رافقها في السنوات الأخيرة ميل واضح الى إنجاز موسيقى بوب تلتقي مع شريحة أكبر من المستمعين. هكذا توسّعت «مشروع ليلى»، من فرقة متواضعة تغني أمام مجموعة من الأصدقاء، لتصبح من الفرق المبرمجة سنوياً على أحد المهرجانات اللبنانية في الصيف، كما أنها مدعوة على مدار العام لإحياء الحفلات في مهرجانات وقاعات معروفة في أوروبا وأميركا والبلدان العربية. مغني الفرقة حامد سنو هو من يكتب الكلمات ويأتي بالألحان أحياناً، بمشاركة كل الأعضاء الذين يأتي كل منهم بفكرة معينة لبناء أغنية. وفي حين يطغى جو من التشاؤم والأفكار السوداوية أحياناً على هذا الكلام، يكون اللحن في معظم الأحيان ميالاً إلى الحيوية، في مزيج جميل وعفوي. ولكن الأهم أن «مشروع ليلى» تلجأ الى اللغة العربية لتخاطب معجبيها، وهو أمر قلما اعتدنا عليه في فرق الروك والبوب الشبابية.
أصدرت الفرقة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي ألبومها الرابع «ابن الليل» في حفلة كبيرة في مركز «باربيكان» في لندن، وبُث مباشرة على محطة «أم تي في»، لتطلقه محلياً بعد فترة في «متروبوليس أمبير صوفيل». وكما يدل العنوان، استحوذت حياة الليل في لبنان، بكل تناقضاتها وعنفها وتعقيداتها على اهتمام الفرقة، التي تلقي من خلال أغنيات الألبوم الـ 13 نظرة ساخرة وجريئة الى المواضيع التي تزعجها في المجتمع اللبناني ترافقها موسيقى الـ «بوب»، والإيقاعات الإلكترونية التي ركزت الفرقة عليها أكثر هذه المرة.