سبق لفرسان أمسية «يا مال الشام» (23 تموز) التي تقام ضمن «مهرجانات بيت الدين» هذه السنة، أن قدّموها في «مهرجان العالم العربي في مونريال» العام الماضي. لكن بحسب المؤلف الموسيقي وعازف العود شربل روحانا، فإنّ أمسية «بيت الدين» ستشهد إضافات قليلة على ما قُدّم في كندا.«يا مال الشام» أمسية موسيقية غنائية تجمع عازفين مميزين على العود هما العراقي نصير شمّة، واللبناني شربل روحانا، والمغنية السورية لينا شاماميان بصحبة فرقة كندية/ لبنانية من 20 عازفاً وعازفة، لا تنقصها الآلات الموسيقية الشرقية من العود الى الكمان والناي وكافة الإيقاعات اللازمة لتوقيع الألحان وضبطها.
يشير روحانا إلى أنّ الأمسية تشمل ثلاث فقرات، إضافة إلى ما قُدّم في حفلة كندا، إلى جانب أغنيتين جديدتين من أشعار الصقلي ابن حمديس الذي عاش في القرن الثاني عشر، لتأتي الفقرة الختامية مُتوّجة بأغنية للشاعر الراحل نزار قباني، عمل عليها روحانا غناء وموسيقى وتحكي الشام
«يا ابنة العمّ والهوى أموي/ كيف أُخفي الهوى وكيف أبين».
لقاء يجمع بين العزف والغناء والشعر (أكثر من ساعة ونصف) في متعة صافية للعقل والقلب يتفرّد فيها نصير شمّة في فقرة خاصة تليها فقرة لشربل روحانا، ثم تلك المختصة بشاماميان. كمؤلف موسيقي وعازف ومُجدّد في آلة العود، سيلعب شمة استعادات له بمهاراته المعروفة وبما أضافه إلى العود. يستعمل شمّة ــ وهذا من مميزاته ــ العود كآلة وترية وإيقاعية في آن، في لعب منمنمات تبدو كما لو أنّها تُعمّر عالماً موسيقياً دائرياً بعيداً عن العزف العامودي الرتيب.
التجاوب البشري للأداء الموسيقي يرتبط بنوعية الأداء، ويختلف باختلاف الظروف المحيطة بالمستمع لأن العنصر العاطفي للتجاوب الإنساني مع الموسيقى عامل هامّ في تعميق أحاسيس البشر وتحريك مشاعرهم وسرعة استدعائها من أعماق نفوسهم. كل ذلك يزداد قوة وعمقاً مع زيادة الخبرة في الاستماع والتذوق الموسيقي. وهذا ما يحسنه شمّة. أما روحانا، فقد طوّر بدوره في منهاج آلة العود، وأصدر في هذا المجال كتباً تُعد مراجع في الموسيقى وآلة العود. شربل مرتجل من الطراز الأول و«حرّيف» في التقاسيم والذهاب بمستمعه الى عوالم رحبة. كما تُميّزه تلك الحساسية في العزف التي تدمغ أعماله بطابعه الشخصي.
لينا شماميان من الأصوات الجديدة التي فرضت حضورها على الساحة بقوة. صوتها ـ إن صحّت العبارة ـ صوت دمشقي يكثّف علاقته بأبرز الفنون العربية، فهي تتنقّل به في أنحاء الفولكلور السوري كما يسعفها في غناء الموشح والطقطوقة وسائر القوالب الصعبة، ويناسبها أكثر في الغناء الرومانسي الذي يحكي حنيناً لوطن، لحبيب، لأرض تحمي وتلّم.
الفرقة الأوركسترالية المرافقة على تنوّعها، ستدرك الأعمال الموسيقية بشكل متكامل وهذا شرط لنجاحها. نقل الفكر الموسيقي المعزوف أو المُغنّى، يجب أن يتّم بالإقناع المعرفي التّام بين العازفين بكل الدقة والوضوح من خلال العزف المؤثر.