ضجّت بعض وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بخبر إقفال «مسرح بابل» الذي افتتحه المخرج العراقي جواد الأسدي عام 2007 بمسرحيته «نساء الساكسفون». من يومها، احتضن هذا الفضاء أعمالاً وعروضاً علقت في ذاكرة رواد الخشبة كـ «حبيبتي رجعي عالتخت» (إخراج لينا أبيض ــ ٢٠١٢) و«الدكتاتور» (جواد الأسدي ـ ٢٠١٣)، و«الخادمتان» (جواد الأسدي ـ ٢٠١٠) وviva la diva (٢٠١٠ ــ نبيل الأظن)، و«ألاقي زيك فين يا علي» (٢٠١٥)، و«فينوس» (٢٠١٥) و«آب بيت بيوت» (٢٠١٥) و«عنبرة» (٢٠١٦) وغيرها. كذلك، استضاف «مسرح بابل» عام٢٠١١ الدورة الثالثة من «مهرجان المسرح العربي» ومهرجان «نساء في مجتمعات مهددة»، حيث قدمت عروض مسرحية وسيئنائية وشعرية وراقصة. وقدم المسرح حفلات موسيقية عديدة منذ عام ٢٠٠٨ بدأت بأمسيات «بابل» الرمضانية التي امتدت على ثلاث دورات، واستضافت «شيوخ سلاطين الطرب» (٢٠١٠)، كذلك شرّع المسرح فضاءه للشعر، فأقيم «ربيع الشعر» في آذار (مارس) ٢٠١٠.
يعمل وسام قدور على وضع خريطة عمل تحافظ على هذا الفضاء
لم يكن كل هذا كافياً للحفاظ على خشبة «بابل» منصةً للقاء ولطرح التساؤلات ولتقديم الإبداع الفني والأدبي. علماً أنّها ليست تلك المرة الأولى التي يعلن فيها جواد الأسدي خبر إغلاق المسرح، إذ دق ابن مدينة كربلاء الذي «خذله مزاج بيروت»، ناقوس الخطر الأول عام ٢٠١٢، ثم جاءت صرخته الثانية في شباط (فبراير) ٢٠١٥، حين قال: «فليتحرك أحدكم الآن، وبسرعة». هكذا عنونت صحيفة «النهار» لقاءها مع جواد الأسدي آنذاك. واليوم، نحاول الاتصال به للوقوف عند موضوع الإقفال، لكن من دون جدوى. على الأرجح، هو متعب من محاولاته لإنقاذ إحدى خشبات المدينة التي راهن على إرثها الثقافي، أو ما عرفه عنها في التسعينيات. تبدلت علاقته مع المدينة، وجد نفسه غريباً عنها وعن خشبتها، فقرر الرحيل.
يشير وسام قدور الذي يتولى إدارة «مسرح بابل» منذ ما يقارب سنة، أنه حتى تاريخ اليوم، هناك عروض ما زالت مستمرة، منها عرض للأطفال بعنوان «المفتاح بإيدنا». ويضيف: «رسمياً ما زال العقد مع المالك جارياً حتى ١/٨/٢٠١٦ والمفاوضات مستمرة وجدية لاستثمار المسرح لعام ٢٠١٧، إذ كان من المرتقب أن تستمر برمجة «مسرح بابل» حتى شباط (فبراير) ٢٠١٧».
يفضّل قدور اعتبار ما يجري حالياً أنّه «انسحاب جواد الأسدي» من «مسرح بابل». لكن ذلك لا يعني أن المسرح سيقفل أبوابه، إذ يعمل قدور مع مجموعة من المسرحيين اللبنانيين والعرب والعاملين في المجال الثقافي على رسم خريطة عمل تحافظ على هذا الفضاء وتجعله متاحاً لكل العاملين في المسرح والموسيقى والثقافة. بالتوازي مع ذلك، يشاع خبر أنّ مالك المبنى كرم ضومط (حاولنا الاتصال به أيضاً) سيؤجر «مسرح بابل» لأحد متاجر الألبسة. كم من المتاجر نحتاج بعد لندرك أن كل تلك الألبسة والقمصان في واجهات المحالّ الممتدة في كل أنحاء المدينة، تفرغنا وتعرّينا؟