لا يمكن اعتبار تجربة «غراند أوتيل» (تأليف تامر حبيب، وإخراج محمد شاكر خضير) اعتيادية. المسلسل المختلف قلباً وقالباً عن المعتاد الرمضاني لهذا العام يمكن اعتباره جزءاً من «فاكهة» الموسم. يصوّر العمل مدينة أسوان المصرية إبان خمسينيات القرن الماضي، حيث تدور معظم أحداث المسلسل ضمن أسوار فندق ضخم للطبقة الراقية يدعى «غراند أوتيل». تبدأ حكاية المسلسل مع «علي» (عمرو يوسف) الذي يكتشف بأن شقيقته قد اختفت في ظروف غامضة إبان عملها كخادمة في الفندق. يقرر أن يذهب إلى هناك، فينتحل شخصية أحد العاملين فيه بهدف كشف ملابسات القضية بأكملها. طبعاً، تتعقّد القصة كثيراً نظراً إلى أنّ الموضوع ليس كما يبدو أبداً، وجريمة السرقة التي أدت إلى اختفاء شقيقته، يتضح أنها شديدة التعقيد وليست بتلك البساطة البتة. القصة المأخوذة عن مسلسل أجنبي، عرّبها السيناريست تامر حبيب بشكل جميل، واستطاع تقديم حبكة ملفتة، فضلاً عن منطقٍ في التمهيد للقصص الجانبية (subplot) داخل القصة الأصلية. تشعر بأن قصص الحب في المسلسل مثلاً ليست «خارجة» عن الإطار أو السكة الصحيحة المرسومة لها.
الديكور وأداء الممثلين نقطتا قوة في العمل

تبرز نقطتان أساسيتان تحسبان لصالح المسلسل وهما الديكور/ أماكن التصوير وأداء الممثلين. صوّر المسلسل بمعظمه في مدينة أسوان داخل فندقٍ يطل على نهر النيل. هذه الإطلالة الجميلة مع الديكورات المأخوذة والمصنوعة بدقة للإيحاء بحقبة الخمسينيات، أعطت المشاهد نوعاً من لعبة «النوستالجيا» الجميلة. ترمز فترة خمسينيات القرن الماضي، إلى الكثيرٍ من الجمالية، حين كان التعامل أقرب إلى الرقي منه إلى أي شيءٍ آخر كما يصوره الأدب والأفلام عموماً. لذلك، انعكست هذه الصورة هنا بشكلٍ أو بآخر. ثياب الممثلين أيضاً بدت هي الأخرى جزءاً لا يتجزأ من العمل، إذ يبدو ملاحظاً لأي مراقب بأنَّ البزات/ الفساتين التي ارتداها الممثلون ملفتة للنظر، مما يوحي بأن هناك جهداً كبيراً في تنسيق هذه العناصر وإعطائها حقها إلى حدٍ كبير. في الإطار عينه، كان أداء الممثلين، نقطة القوّة الكبرى في المسلسل. قد يستغرب كثيرون حين نشير إلى أنَّ أكثر من خطف القلوب في المسلسل، ليس بطل العمل الرئيسي، بل بطل مساعد هو الممثل محمد ممدوح الذي يؤدي دور «أمين» الخادم الذي ولد في الفندق، ولم يعرف أي حياةٍ خارجه. يعاني أمين نوعاً من مشكلة بسيطة، فتجده ينطق بصعوبةٍ بالغة (ومن هنا نتحدث عن إجادته الكبيرة للدور). لكن ما يميزه كشخصية هي طيبته الكبيرة واستعداده للوقوف مع أصدقائه في وجه الجميع حتى والدته التي تعمل في الفندق كما فعل مع علي (عمرو يوسف) منذ بداية المسلسل أو حتى مساعدته ورد (دينا الشربيني) حينما حملت بطريقة «غير شرعية». عمرو يوسف بدوره يقدّم أداءً جيداً. الممثل المعروف يحاول أن يكون على قدر المسؤولية، لكن ما يريحه عموماً هو الأداء الكبير والمتمكن حوله. هكذا، تبرز أنوشكا من خلال شخصية «قسمت هانم» صاحبة الفندق، الأرستقراطية القاسية والأنانية في الوقت عينه. نجدها مثلاً تفعل المستحيل للحصول على الطفل غير الشرعي الذي تحمله ورد لتعطيه لابنتها التي لا تنجب، رغم أنّها كانت ستطردها من العمل لأنّها حملت من الأساس. بدورها، تكمل سوسن بدر أداء الجميع من خلال شخصيتها كمديرة الفندق «سكينة» ووالدة أمين التي تحاول قدر الإمكان الحفاظ على الفندق لا كمجرد عمل، بل كمكان لحياة كاملة. الممثلة القديرة شيرين تحضر في العمل في دور فخر هانم، السيدة الغنية التي تعيش وحدها، فتقضي أيامها في الفندق. أما أمينة خليل، فتحضر بشخصية «نازلي هانم» ابنة صاحبة الفندق التي تمتاز بشخصيتها المتواضعة وحبّها للجميع. نازلي تكتشف بأنَّ هناك كثيراً مما يقوله «علي» صحيح حول الفندق، وحول خطيبها مراد حفظي (أحمد داوود). إخراجياً، حاول المخرج الشاب محمد شاكر خضير (مواليد عام 1983) أن يقدّم المسلسل بهدوء شديد. ورغم أنه كعادة المسلسلات المصرية، يفتقد إلى حرفة «الكادرات» أو «المشاهد» الخارقة التي نشاهدها في المسلسلات السورية الكبيرة، فإنه يقدّم مسلسلاً مسبوكاً بشكلٍ جيد مع كاميرا رصينة إلى حدٍ كبير.
بعيداً عن ذلك، تعرّض المسلسل منذ أيامه الأولى إلى حملة تعليقاتٍ جارحةٍ، كونه «مقتبساً» وبشكلٍ دقيق عن مسلسل إسباني يحمل العنوان نفسه (Gran Hotel، إخراج كارلوس سيديس، وبطولة يون غونزاليس، وآميا سالامانكا، ويمتد على مدى أربعين حلقة موزعة على ثلاثة مواسم)؛ خصوصاً أنَّ صنّاع العمل لم يشيروا أبداً إلى أنّهم اقتبسوه، إلا لاحقاً حين ضج الإعلام بالخبر. طبعاً هذه ليست المرّة الأولى التي يقتبس بها السيناريست تامر حبيب نصاً ويجعله «مصرياً»، فقد فعل ذلك العام الفائت مع مسلسل «طريقي» للمغنية شيرين أحمد المقتبس عن قصة مسلسل كولومبي، وهو لم ينكر ذلك ولم ينفه، بل على العكس، إذ أكّد أنَّ ذلك ليس مشكلةً بل هو «تعريب». وهذا الأمر حصل مراتٍ ومرات في التلفزيون والسينما العربية، وهو ليس الأول أو الوحيد الذي قام بذلك.

* «غراند أوتيل»: 22:00 بتوقيت بيروت على «سي. بي. سي»
00:00 على «سي. بي. سي دراما»
* 14:00 على «أبو ظبي دراما»
* 22:00 على «زي أفلام»
* 19:00 على «حكايات»




أصالة: «عنجد مو طبيعي»

على حسابها الخاص على إنستغرام، كتبت المغنّية السورية أصالة نصري (المقيمة في مصر) مديحاً وإشادة كبيرين بالمسلسل وبأحد أبطاله (أحمد داوود) مشيرةً إلى أن العمل كان «عنجد مو طبيعي». أما أداء داوود خاصة فكان «عميقاً وأداؤه جنونياً».