كلما أتيحت الفرصة لمخرج أو كاتب ليعقد صفقة تجارية تحت مسمى «الدراما الشامية»، يخرج إلى وسائل الإعلام ليصرّح بأنّ عمله ليس شامياً بالمعنى الفولكلوري لهذا النوع من المواد التلفزيونية، بل مسلسل يبحث في تاريخ «أقدم عاصمة في العالم» من خلال قصة افتراضية وعودة ميمونة نحو عشرينيات القرن الماضي! الإجابة باتت عبارة عن كليشيه مكرور مللناه على اعتبار أنّ الدراما الشامية التوثيقية طويت صفحتها بعد عرض «طالع الفضّة» (2011 ــ كتابة عنود الخالد وعباس النوري، وإخراج سيف الدين السبيعي)، وكل ما يقدّم سنوياً حتى الآن هو إعادة اجترار باهت لمفردات درامية بائدة وفق منطق محدود لا يرقى للحد الأدنى من الإبداع. هكذا، سنتابع هذا العام «باب الحارة8» (تأليف سليمان عبد العزيز، وإخراج ناجي طعمي، وإشراف بسّام الملا ــ mbc، «المؤسسة اللبنانية للإرسال»)، رغم أنّ الاعتذارات انهالت على «الآغا» بالجملة من قبل ممثليه، وعلى رأسهم «عكيد الحارة» (وائل شرف)، والساعي إلى زعامتها «أبو ظافر» (أيمن زيدان)، وأسامة حلال، وأناهيد فيّاض، وليليا الأطرش، وغيرهم، قبل أن تأتي محاولة شركة «قبنّض» السطو على المسلسل. مع ذلك، صمد الملا، وربّما أقسم برحمة «الزعيم» وكل الشخصيات التي سبق وأطاح بها، أن يستمر بالمتاجرة بمشروعه هذا، ولو أطبقت السماء على الأرض! هكذا، أنجز هذا العام جزءين من العمل، وأبرم اتفاقاً مبدئياً مع المنتج محمد قبنّض على شراكته، واقتسام كعكة هذا المسلسل في ثلاثة أجزاء لاحقة. في هذا الجزء، انضمت سلاف فواخرجي إلى أهل الحارة بستايل عصري لإضفاء نكهة «مدنية متحرّرة» إلى العمل، كون أهل «حارة الضبع» انتبهوا إلى فداحة ما ارتكبوه من تكريس للرجعية والذكورية في أجزائه الأولى. خلعت «إم عصام» (صباح الحزائري) في الجزء الماضي حجابها لتربط بها قدم شاب مصاب، وافتتحت «إم حاتم» (صباح بركات) مدرسة للنساء، وكان زوجها (سليم صبري) على وشك تحويل المقهى إلى «كافيه إنترنت» لولا أن أسعفنا الزمن وانتهي شهر رمضان! لذا، فإنه من المنطقي في هذا الموسم أن نكون على موعد مع انتخابات مجلس الشعب التي سيخوضها «أبو بدر» (محمد خير الجرّاح) بعد تحريض من «النمس» (مصطفى الخاني)، واكتشاف الحلاق «عصام» (ميلاد يوسف) لمتعة السينما، وغرامه بها، واستمرار قصفنا من صنّاع «باب الحارة» بجرعة تنويرية ساذجة كما حصل في الجزءين السابقين!
تغيب عن «بيت الموالدي» غالبية النجوم الذين لمعوا في مثل هذه الإنتاجات

في موازاة ذلك، وبعد سنين على إنجازه نص مسلسل شامي اسمه «خاتون» (كتابة طلال مارديني، وإخراج تامر اسحق ــ mtv)، تصدّت «غولدن لاين» لإكماله بعد تعديل النص على يد سيف رضا حامد. العمل من بطولة سلوم حداد، وكاريس بشار، وسلافة معمار، وباسم ياخور، وكندة حنا، ويوسف الخال، وورد الخال، وطوني عيسى، وبيار داغر، وفي الحكاية اتكاء على تفاصيل البيئة الشامية بالطريقة التقليدية، واستعارة مفضوحة في إحدى شخصياته الأساسية من شخصية أدّاها النجم جمال سليمان في مسلسل «الثريا» لهيثم حقي.
أما في «عطر الشام» (كتابة مروان قاووق، وإخراج محمد زهير رجب، وإنتاج «قبنّض» ــ lbci، LDC، lbci drama)، فنشاهد حكاية كبير «حارة القصب» الذي تزوّج ثلاث مرّات حتى أنجب طفلاً، لكن المفارقة الدرامية المذهلة التي يبني المسلسل أحداثه عليها هي أنّ الطفل من صلب رجل آخر كان قد اغتصب زوجة كبير الحارة، فأنجبت منه! المسلسل من بطولة رشيد عسّاف، وإمارات رزق، ورنا أبيض، وقاسم ملحو، وعلاء قاسم.
على خط موازٍ، تغيب عن «بيت الموالدي» (نص أحمد حامد، وإخراج إسماعيل ديركي ــ «المنار») غالبية نجوم الدراما الشامية الذين لمعوا في هذه الأعمال، ويعتمد المسلسل على زهير عبد الكريم، ومازن عبّاس، وعلي كريّم، وأحمد مللي، لكن من دون أن يحيد كلياً عن الخط المرسوم مسبقاً لمثل هذا النوع من الدراما، إذ سنشاهد كيد النساء وفتوّة الرجال وشهامتهم، وسنتابع قصصاً متخيّلة وغير واقعية عن حارات الشام، والحياة الاجتماعية فيها.
مسلسل «صدر الباز» (تأليف رامي المدني وبتول الورد، وإخراج تامر اسحق) هو باكورة إنتاجات شركة «الرجا»، ويتناول حكاية شعبية مؤثرة على ذمّة صنّاعه، إضافة إلى اكتنازها خليطاً من المشاعر الإنسانية الحزينة والغاضبة. تدور الأحداث في الفترة الأخيرة من حكم العثمانيين لسوريا، وتحديداً دمشق. تنطلق الأحداث من شخصية «إبراهيم القبضاي» الذي يتهم بقتل زوجته ويُسجن افتراءً وظلماً، ليدخل مرحلة التدهور النفسي بسبب طفلته التي بقيت وحيدة بلا أب ولا أم. هكذا، يتقدّم بطلب تتم الموافقة عليه، بأن يربي ابنته معه في السجن. البطولة لسلّوم حداد، وسلمى المصري، وأيمن رضا، وأسعد فضة، ووفاء موصللي، وطارق مرعشلي، وندين تحسين بك.