يمزج بين الروائي والتسجيلي (يظهر فيه بنفسه)، مقتبساً بيت المتنبّي «نحن أدرى وقد سألنا بنجدٍ أطويل طريقنا أم يطولُ». هكذا، يرى أنّ خلاص البلاد يمرّ بتعرّج طويل ومرهق. في الحكاية، نتعرّف إلى عازف الكمان فادي (عمر بطرس) وأخته الشاعرة هنادي (هيا مرعشلي). يعودان إلى دمشق بعد غياب عام ونصف في بيروت، لينضمّا إلى الأب (تيسير إدريس) والأم (ناهد الحلبي).
يجتمعان مع الأصدقاء، في عيد ميلاد يشهد توفيقاً بين آراء سياسية متباينة. اختفاء صديقة لهما، يدفع الأب إلى الطلب منهما المغادرة مجدداً، قبل أن يعدل عن رأيه. في أوتوستراد المزّة، تترجّل هنادي من السيارة لتصلّب وتسجد على منصّف الطريق. كذلك، تحلم بالتعمّد بمياه ساحة الأمويين. بهذه المباشرة، تتجلّى رسالة الفيلم التي أعلنها بطرس أثناء التقديم له: «ستحيا (سوريا) بأبنائها المخلصين. هي فوق الجميع، وهي الأبدية السرمدية الخالدة». لكن كل هذه النيات الحسنة، لا تصنع شيئاً في وجه ما أظهره الشريط من سطحية في المعالجة، وعيوب في السويّة. خطّ رتيب تتهاوى تحته الحكاية، مع الرضوخ للمستوى الأوّل من التفكير. تلقين شعري مستهلك، وحوارات مباشرة طوال الوقت. المستوى التسجيلي لا يضيف سوى مزيد من الشرح والثرثرة. الصورة صاعقة في الفقر، ومغرقة في أسلوبيات تلفزيونية قديمة. حقاً، لا نكاد نصدّق ما نشاهد من اختصار لدمشق في أوتوستراد ونافورة ومطعم ذائع الصيت بين المثقفين. أسئلة الصدمة محيّرة بالفعل. هل هذا هو الطالب نفسه الذي حقق شريطه التسجيلي «صهيونية عادية» الجائزة الكبرى في مهرجان «مولديست» للمعاهد السينمائية في الاتحاد السوفياتي عام 1974؟ هل هو ذات الصانع الذي نبش خفايا مدينته في «الطحالب»، ونكأ الجرح الفلسطيني في «الترحال»؟ كيف لمتأثّر بالواقعية الإيطالية أن يقوقع دمشق إلى هذا الحد؟ أين جهد الخبير في التشكيل البصري، والأكاديمي في إدارة الممثّل؟ تذكير مهم تقوم به هذه التجربة بخصوص الدراما. المشاعر الوطنيّة لا تنتشل بنيةً ولا تشيّد عمارةً، لها أن تحدث أثراً تعبوياً في أمكنة أخرى.
تلقين شعري مستهلك، وحوارات مباشرة