«ليس لدى العمال ما يخسرونه سوى قيودهم. ولديهم عالمٌ ليربحوه»… بهذه الجملة ينهي الثنائي الثوري إنغلز/ ماركس «بيان الحزب الشيوعي». ثم يضيفان، بأحرف نافرة كبيرة (هكذا توردها بعض الترجمات للدلالة على الإلحاح والحالة الطارئة) جملةً مستقلة تَختتِم «البيان»: «يا عمّال العالم، اتّحدوا!». رغم بساطة هذه الدعوة وشرحها المبسَّط وتبيان ضرورتها وحتمية فوائدها، تلاشى حضورها والتذكير بها عالمياً، بفعل عوامل كثيرة، على رأسها التعطيل شبه الكامل للوعي الاجتماعي، من خلال أفيون خاص بالشعوب، اسمه — ودائماً بحسب ماركس — الدين.
في ظل هذه الأوضاع غير المطمئنة، لا تزال بعض الأصوات تذكّر بالمسلّمات، مثل الفنان خالد الهبر الذي لا يغيب عن روزنامته عيد العمّال العالمي الذي يصادف في الأول من أيار (مايو). إنه موعد ثابت يضربه الهبر مع الجمهور للاحتفال بمناسبة باتت من آخر هموم الإعلام، خصوصاً المحلي (الذي انشغل أمس بانطلاق الشهر المريمي، كأن المسيح كان ستهمّه قضية أكثر من استغلال الضعفاء).
مساء الغد، ومن «قصر الأونيسكو» كالعادة، يطل خالد الهبر ليغنّي مجموعة من القضايا ذات البعد الإنساني أو الاجتماعي، بعضها أممي وبعضها الآخر محلّي أو إقليمي. بعضها قديم ومستمر، وبعضها الآخر مستجِد. بعضها شخصي وبعضها الآخر عام. هكذا نجد على برنامج الأمسية «إلى جمال» (مهداة إلى صديق خالد، الشهيد جمال عيّاش)، و«قانا» و«غنّية عاطفية» و»أصنام العرب» و«رئيس الجمهورية» و«بشارة» وغيرها من الكلاسيكيات الحاضرة في حفلات الهبر. إلى هذه العناوين يضاف الجديد الذي ينتجه هذا الفنان الملتزم المتفاعل مع محيطه والأحداث الكبيرة في لبنان والوطن العربي. في هذا السياق، وبعدما أُعدِمت الثورة السورية ودُمِّر البلد الجميل وشعبه الطيب، راح كلّ منّا، في لبنان وسوريا، يحصي الخسارات. الهبر كانت له ردّة فعل سابقة بعنوان «ما تنسوا فلسطين»، بعدما غيّبَ الربيع العربي الحار والعاصف القضية الفلسطينية. اليوم، في أغنية جديدة، يستعيد الهبر ذكريات جميلة عاشها في الشام وولّت إلى غير رجعة (قريبة على الأقل)، من خلال أغنية «بالشام» (كلماته وألحانه). من جهة ثانية، نسمع في الحفلة مقطوعتين موسيقيتين بعنوان «برج أبي حيدر» و«VHS» يُفتتح بهما الفصلان الأول والثاني، وهما من تأليف ريان الهبر، نجل خالد وشريكه في المشروع الفنّي منذ سنوات. لريّان أيضاً مساهمة في التوزيع وإعادة التوزيع، بالإضافة إلى كتابة بعض نصوص أغنيات والده الجديدة مثل «الله موجود».

* خالد الهبر: 20:30 مساء الغد ــ «قصر الأونيسكو» (بيروت): 03/181585