يورد مساعد رئيس التحرير في صحيفة «الحياة» جميل الذيابي في مقاله «جدار الماء يتوعد وهو يرتعد» يوم الأحد الماضي: «(..) لذلك لا يستغرب أن يصاب حسن نصر الله بهستيريا والتهاب قولون تحوّل إلى جنون بعد أن تلقى صفعة مفاجئة بانطلاق عاصفة الحزم». لكن يبدو أن الذيابي نفسه هو المصاب بالهستيريا وبداء العنصرية والغطرسة.

في هذا المقال، يصب الكاتب السعودي جام تحريضه على الضاحية الجنوبية، مدعياً أنّها أضحت مركزاً لتدريب «الحوثيين على أيدي خبراء إيرانيين»، و«تسهر على مخطط تخريب اليمن من أقبية حزب الله». طبعاً المقال عبارة عن تهيؤات وهلوسات ساقها الكاتب، ويتصوّر فيها حدوث هذا المخطط الذي يُفترض أن يشرف على تنفيذه السيد حسن نصر الله وفق كاتبنا الفذ.
هذه الهلوسات تبعها أول من أمس، مقال آخر للذيابي بعنوان «اطردوا الأشرار». والمقصود بالأشرار هنا، اللبنانيون العاملون في الخليج.
إنّها دعوة لطرد «الأشرار» اللبنانيين الذين يجنون «الأموال» من دول خليجية «تستثمر لاحقاً في منابر حزبية لا همّ لها سوى شتم المواطن الخليجي وصفعه بالرجعي».
ينطلق المقال من سؤال مطروح بصيغة انفعالية غاضبة: «ماذا استفادت الدول الخليجية من لبنان سوى الصداع والزكام والجذام؟» ليعدّد بعدها «خيرات» المملكة على لبنان من إيقافها الحرب الأهلية إلى حل أزماته الداخلية.
بعد هذا العدّ، ينشر إحصائياته للبنانيين المنتشرين في الخليج ويطلب من هذه الدول استخدام هؤلاء «كأوراق ضغط» مؤثرة في الأحزاب «المنضوية تحت عباءة الخميني ومخابرات الأسد».
هكذا يثور الذيابي ويدق ناقوس الخطر ويدعو العواصم الخليجية إلى «قرع الجرس»، واتخاذ موقف صارم تجاه «المتطاولين» وإبعادهم. ولم يقف الكاتب هنا، بل اتهم اللبنانيين بـ«إشعال الفتن بين الدول الخليجية ليحققوا مآرب أحزابهم الحاقدة على الشعب الخليجي»!

دعوة إلى طرد
اللبنانيين من دول الخليج

وأمس، قدم داوود الشريان في الصحيفة السعودية عينها، دروساً في الوطنية وتحدث باسم اللبنانيين جميعاً و«الشيعة» تحديداً بما أن مقاله موجه الى هذه الشريحة منهم. تحت عنوان: «ماذا قدم حزب الله للعرب الشيعة؟»، يخلع الشريان عنه ثوبه الخليجي ويتماهى مع اللبنانيين ويدخل إلى عقولهم ويخرج آراءهم. هكذا، يورد في أحد المقاطع: «لسان حال اللبنانيين اليوم، من فوّض حزب الله للدفاع عن المشروع الإيراني في اليمن؟». يستعين بما تداولته وسائل إعلام بأن عائلات لبنانية غيّرت مذهبها الشيعي بعد تصريحات نصر الله ومهاجمته للسعودية. ويستشهد أيضاً بصديقه علي الأمين الذي سخر من اللبنانيين في الخليج وقال إنّ إيران تحضر لهم «مستقبلاً زاهراً في سوريا والعراق واليمن».
وينهي مقاله بتوزيع رحمته على اللبنانيين بالقول إن السعودية لن تأخذ «اللبنانيين الشيعة» بجريرة «حزب الله». مع تلك «الرأفة» بحال هؤلاء، لا يكف الشريان عن التهديد بأنّ «أضراراً ستلحق» بهم في حال «استمرار سياسة الحزب تجاه المصالح العربية».
لا شك في أن ما قبل عدوان «عاصفة الحزم» ليس كما بعده: نحن أمام خطاب سعودي مسف، وعنصري يتسم بالغطرسة والفوقية تجاه الشعب اللبناني وتمنينه بـ«خيرات» المملكة وتهديد لقمة عيشه في البلدان الخليجية.