يختتم اليوم مهرجان «أسبوع عالمي لسوريا» Global Week for Syria الذي تقيمه منظمة Music and Beyond بمحاضرة لجان دورينغ وحفلة لبشّار الحسن (راجع المقال أدناه). هذه التظاهرة الفنية التي جرت أحداثها في بيروت وعواصم عالمية عدة، سعت إلى إيجاد أرضية مشتركة توحّد السوريين من مختلف توجهاتهم وخلفياتهم الاجتماعية والثقافية والسياسية، وتدعو العالم إلى إلقاء نظرة على الراهن المأساوي وخلق إطار تشابكي بين العالم وسوريا.
كل ذلك عبر مشاركة أكثر من 200 شخص من موسيقيين وفاعلين ثقافيين ومفكرين من أوروبا وأميركا والشرق الأوسط، يجهدون لدعم الأمل بمستقبل إيجابي لسوريا وتشجيع الإيمان بالمصالحة الوطنية والحوار، والسعي للحفاظ على تراث سوريا الفريد والغني.
فكرة المهرجان بدأت بعد سنة على اشتعال الحرب في سوريا، حيث «شعرت بأنني كشخص أستطيع أن أؤدي دوراً يشبهني ذا علاقة بالمساحة المشتركة»، يقول مدير المهرجان هانيبال سعد الذي وظّف خبرته في مجال تنظيم المهرجانات الموسيقية لخلق مساحة تجمع السوريين ببعضهم بعضاً وبالعالم أيضاً.
في حديث مع «الأخبار»، يشرح سعد بأن المهرجانات الموسيقية التي تقام حول العالم تخلق مساحة تجمع أشخاصاً من ثقافات وخلفيات متنوعة، أكان على صعيد الجمهور، أو الموسيقيين، لذا لا «داعي لكي يتكلم أحد.
هناك تركي وايراني وأرمني في حفلة، وأنت تسمع موسيقاهم المتناغمة والمتجانسة».
تركزت ندوات المهرجان على
الإرث الثقافي وتنوّعه
لذلك، تواصل سعد مع فنانين ومحاضرين يملكون أفكاراً مشتركة ذات علاقة بإعادة بناء سوريا، وخصوصاً أنّ «الأزمة معقدة ومتشابكة تدخلها صراعات طائفية ومذهبية بلا طعمة».
وجد سعد أنه يستطيع «توجيه رسالة من خلال هذا المهرجان، وأتمنى على الآخرين الذين يعملون في مجالات أخرى، أن يقوموا بمبادرات»، مؤمناً بقدرة المبادرات الفردية على إحداث تغيير إيجابي حقيقي.
ضمن فعاليات المهرجان، نظمت حفلات في باريس، ومدريد، وفيينا، وبراغ، ولاهاي. أما بيروت، فخصصت لها خمسة أيام بدل اليوم الواحد. هكذا، حضرت 23 فرقة، ونظمت 9 حفلات موسيقية كبيرة، ترافقت مع مؤتمرات وندوات أقيمت في فضاءات مختلفة من العاصمة، بالتعاون مع أكثر من 7 جهات معنية بمسألة المساحة المشتركة والحفاظ على التراث «الذي يجمع كلّ السوريين في أماكن انتشارهم».
لكن ما هذه المساحة المشتركة التي يسعى المنظمون إلى خلقها؟ «الإجابة بسيطة، لن أعطي خطابات عن أهمية وماهية المساحة المشتركة والعدالة الانتقالية.
أتخيّل أنّ المنطقة لدينا تشبه الدول الاسكندنافية.
في الفن، لا يمكن إلا أن تقدم صورة، وتحاول أن تقنع العالم بأنها قد تصبح حقيقة، هذا ليس وهماً أو خيالاً، بل مكان فني تخيّلي قريب من الواقع، لكون التجربة وجدت في دول عدة» يقول سعد، مستشهداً بتجربة الدول الإسكندينافية التي احتلت بعضها مئات السنين، الى أن أصبحت اليوم من أكثر الدول تقدماً على مختلف الأصعدة، «بعدما خلقت مساحات اجتماعية ثقافية مشتركة بين شعوبها أوصلتها الى هذه المرتبة المتقدمة».
أما الندوات التي رافقت أيام المهرجان، فتركزّت على الحفاظ على التراث الثقافي ودوره في التأكيد على الوحدة والتنوع وإيجاد أرضية مشتركة من خلال لقاءات حول حماية الهوية الفنية، وتأثير الأنماط الموسيقية الغربية على الأصوات السورية، وحماية التراث الثقافي السوري، والثقافة في فترة الأزمات، والتراث اللامادي السوري، وخارطة الثقافية الموسيقية المشتركة في بلاد الشام، وقصص موسيقية حول التنوع والوحدة في بلاد الشام.