القاهرة | كان ممكناً أن تهدأ الضجة التي أثارها السلفيون أخيراً ضدّ ثلاثة ممثلين مصريين شاركوا في حشد شعبي في مدينة تكريت، دعت إليه الحكومة العراقية في مناسبة الانتصار على «داعش» هناك. تلك الدعوة جاءت للفت الأنظار إلى ... مقبرة جماعية عثر عليها بالقرب من نهر دجلة، حيث ذبح «داعش» أكثر من 2000 طالب عراقي.
كان ممكناً أن تمرّ الانتقادات ضدّ الفنانين بسلام لأنها جاءت من أفراد لا من أحزاب أو من جهات رسمية، لولا أن وائل الابراشي (الصورة) خصّص حلقات برنامجه «العاشرة مساء» (قناة «دريم 2») لكلّ ما هو مشعل للنيران. بدأت القصة بزيارة الممثلين أحمد ماهر وحنان شوقي ووفاء الحكيم العراق لحضور احتفال بالنصر على «داعش» في تكريت. وطلبت شوقي هناك ارتداء الملابس العسكرية تضامناً مع الجيش العراقي. لكنّ أصواتاً سلفية مصرية انتقدت الخطوة، معتبرةً الزيارة دعوة إلى... «التشيع»! وعبر الفايسبوك، كتب السلفي وليد إسماعيل مهاجماً الممثلين، وخصوصاً حنان شوقي، وحوّل الحشد الشعبي إلى حشد «شيعي» على حد تعبيره. وإذا بالابراشي يقرر تنظيم مواجهة إعلامية بين الطرفين، وهو ما يفعله كل يوم تقريباً على المستويات السياسية والجنائية والطائفية. إذ تناول البرنامج قبلاً قضايا التحريض المذهبي بين المصريين، ورفض السماح لقنوات شيعية بتصوير أيّ حلقات داخل المساجد.

يركّز على دفع الطرفين
إلى الاشتباك

ويعتمد أسلوب الابراشي دائماً على دفع الطرفين إلى الاشتباك، والسماح لكل طرف بترديد اتهامات للطرف الثاني، قبل التدخّل في النهاية لوأد الصراع بعد اشتعاله طبعاً. كما يسمح الابراشي بمداخلات الجمهور ليقول «العامة» آراءهم في القضايا، ويسمح أيضاً لمصادر اشتهرت بنزقها وتهوّرها وشعبويتها بالتدخل على الهواء وتوجيه الاتهامات وأحياناً الشتائم للضيوف، وخصوصاً هؤلاء الذين ينحاز الابراشي ضدهم. كل ما سبق تكرّر بحذافيره في حلقة أول من أمس الأحد من برنامج «العاشرة مساء»، حتى انهارت حنان شوقي باكيةً على الهواء، رافضة «اتّهامها بالتشيع». واضطر أحمد ماهر للتأكيد مراراً بأنه «سنّي المذهب». خرج الحوار من دائرة ماذا يجب أن تفعل الشعوب العربية من أجل مواجهة «داعش» وجماعات الإرهاب، إلى دائرة مذهبية تجعل كل متضامن ضدّ الإرهاب ينظر أولاً في مذهب المتضامن الآخر الذي يقف إلى جواره. ورغم أن الابراشي فتح الهواء للعديد من الاتصالات التي جاءت من العراق، من بينها محافظ صلاح الدين، وكلّهم هاجموا الداعية السلفي، إلا أنّه بقي السؤال: لماذا يصر بعض الإعلام المصري منذ فترة على التحريض وتأجيج النار المذهبية؟ ومن يتحمّل مسؤولية التعليقات التحريضية التي انطلقت ضدّ الفنانين عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد إنتهاء الحلقة؟