في شارع الحمرا حيث تدور الكاميرات والاستصراحات، تعثرت كاميرا «المستقبل» بسيدة تدعى أمل حمادة خلال شهر آذار (مارس) من العام الماضي. كانت المحطة وقتها تستصرح العابرين في الشارع البيروتي ضمن برنامجها «أخبار الصباح» (فقرة «كلمة اليوم»). طبعاً، لم تكن تتوقع القناة الزرقاء التي حمل شريطها عنواناً على شاكلة سؤال: «انقرضوا الرجال بلبنان؟!» أن يلقى الفيديو كل هذا الانتشار على شبكات التواصل الاجتماعي.
وقتها، تحدثت حمادة أمام الكاميرا على سجيتها. عبّرت عما تفكر به شريحة كبيرة من اللبنانيين بطريقتها الساخرة والساذجة. وبعدما دلت بدلوها، سألت المذيعة: «إنشالله بدكم تحطوني على التلفزيون؟» وأرفقته بضحكة رنانة عفوية. كلام بث في برنامج صباحي وتفاعل معه الآلاف بغية نشر السخرية وإضحاك الآخرين. لكن الأمر لم يقف هنا. أمل حمادة التي بتنا نعرف اسمها الكامل اليوم، وكانت تكنىّ بصاحبة مقولة «إنقرضوا الرجال» لم ينحصر حضورها في هذه الدقائق المعدودة على «المستقبل». سرعان ما سطع نجمها وأضحت مجدداً حديث الناس تُعامل كوجه يظهر على الإعلام يسلّي المشاهدين ويضحكهم. في الأول من نيسان (أبريل) الماضي، سرت إشاعة بأنّ حمادة توفيت سرعان ما تبيّن أنّها كذبة «نيسان». هكذا عوملت معاملة النجمات الشهيرات اللواتي تشكل الإشاعات جزءاً من حياتهن. بعد هذه الحادثة، «رقّيت» الى مصاف ضيوف التلفزيون وتحديداً في البرامج الحوارية الاجتماعية. الأسبوع الماضي، استضافها برنامج «بلا تشفير» على «الجديد» ضمن فقرة المواجهة مع ميلاد أبو ملهب الذي تظاهر بثياب شبه عارية في ساحة «رياض الصلح» وتلقفته الشاشات لتأخذ «قوتها» منه.

تطل علينا غداً في برنامج
«من حقك» على otv
في هذه الحلقة، تسلّى المقدم تمام بليق بتحويل برنامجه الى حلبة مصارعة بين الاثنين اللذين صنعهما الإعلام عينه كظاهرتين تم تضخيمهما. هكذا، سئلت حمادة عن رأيها بأبي ملهب و»إذا شايفة فيه رجال؟ّ». بعد هذا الظهور، ستطلّ علينا غداً في برنامج «من حقك» (بعد نشرة الأخبار) على otv لتتحدث كما يشي الإعلان الترويجي عن التأخر في الزواج وما إذا كان يوصّف «عنوسة» أم خياراً شخصياً. إذاً، بدأت عدوى الضيوف تنتشر بين القنوات المحلية. بعد صنعها إعلامياً والترويج لها من قبل جمهور السوشال ميديا، تحلّ حمادة على برامج مختلفة، فماذا ستقدم غير مادة تتكئ على الإضحاك والسخرية؟ وهل تعلم في قرارة نفسها أنها تُستغلّ من قبل هذه المنابر الإعلامية لجذب جمهور يطوف على السطح ويحب السطحية؟ في زمن غول السوشال ميديا، وصناعة الحيثية الوهمية للأفراد العاديين، يبقى السؤال حاضراً من وحي مقولة حمادة: «هل انقرضت الشخصيات الجدّية ذات الحيثية والمضمون والإفادة للمشاهد على الشاشة؟» لعلّ الإعلام اللبناني أحب السير في هذه الصناعة كما فعل نظيره المصري في صناعة منى البحيري (شات اب يور ماوس أوباما) التي ضجت بها المنتديات والمنابر حتى أنّها دعيت إلى المؤتمرات الخاصة بالإعلام! لكن هل أحد منّا ما زال يسمع بمنى البحيري؟ إنها كفقاعة صابون سرعان ما تختفي، وهذه الحال ستنسحب بالتأكيد على حمادة وغيرها.