أكثر من أسبوع مرّ على «عاصفة الحزم»، والسلطات القابضة على مفاصل الإعلام المؤيد للعدوان تحاول استخدام أسلحة الإعلام الإلكتروني الحديث، خصوصاً تويتر لتوظيفه في الحرب. الخميس الماضي، احتل هاشتاغ «#عاصفة_ الحزم» الصدارة على تويتر، وغصّ بتغريدات تهلّل للضربات الجوية على اليمن، وانتشرت صور الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، ووزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان. منذ البداية، بدت الحرب الإلكترونية ضرورية وأخذت منحى استعراضياً.
أضحت مواقع التواصل الاجتماعي مسرحاً لمختلف العراضات التي يرّوج لها الإعلام السعودي، والى جانبه استعراضات أخرى لدول عربية منها الإمارات والسودان، تشارك في هذا العدوان. طائرات حربية تتحضر للإقلاع، وأخرى أغارت على «الأهداف العسكرية للحوثيين»، وعادت بالسلامة إلى قواعدها. كلها نشرت على شكل تغريدات تستعرض القوة العسكرية لصحوة العرب المستجدة للتكاتف على حرق اليمن. أدرك الإعلام السعودي أهمية هذه المساحات الافتراضية، خصوصاً رأس حربته «العربية». راحت الأخيرة تصنف كل أخبارها العاجلة على شاكلة «هاشتاغ» بغية سرعة الانتشار و»توحيد» المعلومة التي تضخها.

برز وسم "#لا_للعدوان_على _اليمن" مترافقاً مع صور المجازر
نجحت الى حد بعيد في هذه اللعبة الافتراضية التي أرادتها مسنداً للأعمال العسكرية، وجيّرت آلاف المغردين إليها ممن رحّبوا ودعموا الضربات الجوية، ولم يوفروا بدورهم كيل الشتائم واستخدام اللغة التحريضية المذهبية بحق الحوثيين والشعب اليمني. كما كان لدخول أفراد من العائلة الحاكمة السعودية على هذه الساحة دور في توجيه المغردين الموالين.
على المقلب الآخر، بدت الأصوات ضعيفة عجزت عن إحداث توازن في هذه المواجهة الافتراضية إن صح التعبير. وهذا يعود إلى أسباب عدة أبرزها غياب كتل أساسية سياسية يمنية معارضة قادرة على التأثير والتحريك في هذه الساحة، وسطوة وهيمنة اليد السعودية على هذه المساحات أفراداً وجماعات. في هذا المجال، برز وسم «#لا_للعدوان_على _اليمن» الرافض للحرب ترافق مع صور المجازر التي ارتكبتها القوات السعودية بحق أطفال ونساء عزّل، وصور كاريكاتورية تعبّر عن فظاعة الوضع في اليمن. ومن أبرز هذه الرسوم كاريكاتور يظهر الرئيس اليمني الانتقالي عبد ربه منصور هادي يعتلي كرسياً رئاسياً وخلفه الملك السعودي، وتحت هذا الكرسي تتكدس جثث اليمنيين ومعها علامات الخراب ظاهرة للعيان.
هذه الحرب الإلكترونية غير المتكافئة، جعلت أصوات المقاتلات التي تغير على اليمن تعلو فوق كل الأصوات. وكما الخناق يشتدّ على الفضاء الإعلامي حيث مصادرة الآراء الأخرى، كذلك على مواقع التواصل. مع ذلك، شكّلت السقطات الإعلامية التي تقع فيها «العربية» دفعاً لتجييش مغردين قد لا تعنيهم الحرب على اليمن بقدر ما تهمهم عمليات التزوير والفبركة التي تمارسها القنوات الموالية. خير دليل على ذلك موجة الاحتجاج التي اشتعلت فور نشر «العربية» صورة ادعت بأنها تعود الى رتل من الحوثيين تم تدميره من قبل «قوات التحالف العربي». وحين تبين أنّ الصورة ملفقة تعود إلى حرب الخليج الثانية، اضطرت القناة لحذفها عن موقعها الالكتروني في دليل على فعالية التحرك والضغط الافتراضي.