الرباط | دخول المغرب في حرب مرهون بالمؤسسة الملكية وبحساسية الجيش في البلاد. أي انتقاد لتحرّكات العسكر يصير انتقاداً مباشراً للسيادة وتشكيكاً في المؤسسة الملكية. وهي الحساسية التي تدفع المؤسسات الإعلامية المحلية إلى تجنّب أي معارضة لمشاركة المغرب في الحرب على اليمن.
يُفترض بالإعلام الرسمي أن يكون صوتاً مستقلاً لا تابعاً بالضرورة للسياسات الرسمية، لكنّه يتحوّل في مواقف شبيهة إلى أداة دعاية أساساً لسياسات الدولة، وخصوصاً أنّ القرار اتخد من أعلى الهرم.
هكذا، باركت القنوات الإعلامية جميعها المشاركة المغربية في التحالف الذي تقوده السعودية، واعتبرتها حرباً «مشروعة وعادلة»! لكن ما أغفلته القنوات الرسمية هو ذكر الأسباب الحقيقية للمشاركة المغربية، وهي القرب الكبير بين النظامين المغربي والسعودي. فإلى جانب اتفاقية الدفاع المشترك، دافعت السعودية دوماً عن المغرب، سواء عن طريق إمداده بالمال في مشاريع عدّة، أو عبر شبكاتها في الأمم المتحدة وداخل المؤسسات السياسية الأميركية، أو عبر الدعم العسكري.
لا ترغب ربّما وسائل الإعلام الرسمية في أن تفسّر للمواطن المغربي عمق تورّط بلاده في العلاقات السياسية مع النظام السعودي، وتكتفي بالتحدّث عن دفاع المغرب إلى جانب الحلفاء الآخرين في «عاصفة الحزم» عن «الشرعية» في اليمن.

لجأ المنتقدون إلى السوشال ميديا للتعبير عن آرائهم


هذا المعطى، انتقل إلى وسائل الإعلام المكتوبة، سواء الصحافة المطبوعة أو الإلكترونية. اكتفت هذه المؤسسات بمتابعة الحرب من وجهة النظر الإخبارية، فتساءلت غالبيتها عن حجم المشاركة المغربية، وعدد الطائرات المقاتلة المشاركة في الهجمات الجوية على اليمن، وأرفقت موادها بأخبار عامّة عن التطوّرات الميدانية.
ولم تظهر داخل الصحافة المغربية مواقف واضحة معارضة لما يجري، علماً بأنّه ربّما لبعد اليمن الجغرافي دور في عدم اتخاذ العديد من الأصوات الإعلامية المسألة بحساسية. فالجيش المغربي ساهم في أكثر من حرب في منطقة الخليج، وتوجد وحدات تابعة له في أكثر من دولة ضمن قوات الأمم المتحدة. وفي أغلب الأحيان، تكون مشاركته محدودة، سواء من خلال العتاد الحربي أو عدد الجنود وطبيعة العمليات التي ينضمون إليها.
وفي ظل التحوّل الكبير الذي يشهده المشهد الإعلامي المكتوب في السنوات الأخيرة، فإنّ غالبية الأصوات التي كان يمكن أن تعلن رفضها الواضح لاشتراك المغرب في أي حرب خارج أراضيه، لم تعد موجودة. إما بسبب إغلاق العديد من المنابر، أو بسبب الملاحقات القضائية التي أنهكت الكثير منهم.
وبعدما تقلّص دور الصحافة المطبوعة المستقلة، فإنّ المهيمن على المتابعة الإعلامية لأحداث اليمن هو الخطاب الحيادي، أو المبارك والمطبل للمشاركة المغربية.
هكذا، راحت جوقة من المواقع الإلكترونية مثل (le360) بنسختيها العربية والفرنسية تهلّل وتخلق الأعذار لموافقة المغرب على خوض غمار الحرب، وهو الأسلوب نفسه الذي اعتمدته صحف ناطقة باسم السلطة كـ«الصحراء المغربية ».
وبينما لم تعد هناك إمكانية لانتقاد هذه المشاركة، لم يجد الكثير من الصحافيين والناشطين مجالاً للمشاركة في النقاش حول الحرب إلا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تركّزت مجموعة من الانتقادات على السخرية من المشاركة المغربية «المحدودة»، ومن «النفاق» الإعلامي داخل البلاد.