القاهرة | مؤشّر الهبوط في مدينة الإنتاج الإعلامي لا يدل على التراجع. فالأزمة الإقتصادية التي تضرب المدينة في مقتل تستفحل بإنتظام (الأخبار 24/2/2015)، وكلّما حاول العاملون فيها انتظار الغد الأفضل يبدو هذا الغد حلماً بعيد المنال، خصوصاً مع تداخل عوامل سياسية واقتصادية أخرى تسهم في زيادة الأزمة. وفيما شهدت الأسابيع الأخيرة إغلاق قنوات عدّة، وخفض نفقات قنوات أخرى، لم تفلح أخبار تطوير قناة «التحرير» التي سيتحوّل اسمها إلى TEN في خلق فسحة من الأمل، كون الأمر يتعلق بحالة فريدة قد لا تعني أنّها ستنسحب على باقي القنوات.
هذا إذا اكتملت خطة التطوير المزمع إعلانها بالكامل هذا الشهر، لا سيّما أنّ المفاجآت قد تُفسد المسألة برمّتها كما حدث مع شبكات أخرى بدأت وتوسّعت قبل أن تعود إلى نقطة الصفر في مدّة زمنية لا تزيد عن عامين. وجاء تأجيل الإنتخابات البرلمانية ليزيد الطين بلة، إذ كان كثيرون يطمحون إلى إستغلال فترة الإقتراع وإعلان النتائج (شهرين متتاليين)، فيما أعدّت كل قناة برامج أو فترات مفتوحة لتغطية الإستحقاق الإنتخابي، ما يعني تسريح كل العاملين في هذه البرامج قبل بدايتها لأنّ الإنتخابات المزمع تأجيلها لن تعود قبل شهر أيلول (سبتمبر) المقبل على أقل تقدير. بالتالي، أصبحت الفضائيات المصرية مثل البورصة، تتأثّر مؤشّراتها بأي حدث سياسي.
ورغم أنّ هناك اتجاهاً لعودة الإهتمام بالبرامج الترفيهية بعد سيادة الـ«توك شو» السياسي لأربع سنوات متتالية، ما زال تراجع الإنفاق الإعلاني يشكّل أزمة تدفع القائمين على القنوات إلى عدم التفاؤل في كل الأحوال.
على مخط مواز، جاء خبر دفع رجل الأعمال والملياردير المصري نجيب ساويرس 35 مليون دولار أميركي لشراء 53 في المئة من أسهم شبكة «يورونيوز» الأوروبية (الأخبار 2/3/2015)، ليطرح سؤالاً كبيراً حول اتجاه القطب الإقتصادي والإعلامي البارز للإستثمار في أوروبا، رغم أنّ استثماراته الإعلامية في مصر شبه مجمدة. فقناة «أون تي في» التي يملكها تعاني أزمة مالية غير مسبوقة، لكن الجديد أنّ الأزمة تستفحل إلى درجة قطع خطوط الإتصالات الأرضية والإنترنت عن القناة بسبب عدم دفع المستحقات المتأخرة. هذا الواقع يشير بوضوح إلى فقدان المستثمرين المصريين، أو على الأقل أبرزهم، الأمل في دفع المزيد من الأموال للإنفاق على القنوات الموجودة بالفعل، مما يقلص الأمل ليس فقط في إطلاق قنوات جديدة أو تحسين أداء القنوات الموجودة، وإنّما في قدرة تلك القنوات على الصمود خلال العام الحالي. عام يعتبره كثيرون الأصعب على الإطلاق في تاريخ الإعلام المصري الخاص.