مقالات مرتبطة
-
تحرير المسيح والإنسان بيار أبي صعب
منذ تعيينه مطراناً، أثار حفيظة بعضهم بسبب تواضعه وبساطته وفقره، هو الذي وقّع وثيقة تعهد فيها بممارسة الفقر طيلة حياته (صدرت الوثيقة عن المجمع الفاتيكاني عام 1965) وكان يعرف أشدّ المناطق فقراً في لبنان. خلال توليه الأبرشية، بدأ يطبّق تعاليم معلّمه المسيح، ومبادئ العدالة الاجتماعية، فمكّن العائلات التي كانت تعمل لسنوات طويلة في أراضي الوقف، من استملاكها، وأسس المجلس الرعوي الذي تألف من العلمانيين الرهبان والرهبات والكهنة وممثلين عن المجالس الرعوية، كما أسس لجنة الطقوس الكنسية ولجنة الوعظ واللجنة المدرسية واللجنة الاجتماعية. كذلك، وضع تنظيماً مالياً للأبرشية تشارك في تمويله العائلات بحسب إمكانات كل منها، وصارت الخدمات الدينية من عمادات وجنازات وزيجات مجانية بالكامل... معارك أخرى خاضها، فأثار جدلاً كبيراً بدءاً من مناداته بالعلمنة والزواج المدني والنضال السلمي واللاعنف والوحدة الوطنية والحرية والعدل والمساواة إلى أسلوب حياته ووضع الانسان، كل انسان في صلب اهتماماته ومعاركه، ومجلته «آفاق» التي كان صدور ستة أعداد منها فقط كفيلاً بنشوب أزمة في الكنيسة واتهام المجلة بأنها «تتناقض مع العقيدة الكاثوليكية» (راجع الكادر في مكان آخر من الصفحة). أما قرار عزله عبر نقله من أبرشية بيروت إلى أبرشية أضنا الفخرية، فلم يكن سوى فرصة لتعزيز واستئناف نشاطاته الاجتماعية وخصوصاً الاهتمام باللبنانيين الذي نكبتهم الحرب الأهلية، فيما كان يطلب منه أصعب المهمات، كما حصل عام 1978 حين طلب منه أن يكون مطراناً بديلاً من المطران الياس زغبي في بعلبك لمدة ستة أشهر، ثم أن يكون مطراناً مدبراً بطريركياً لأبرشية صور بعد وفاة مطرانها في 1986. أما في عام 1992، فقد اعتكف في دير للمتوحدين في فاريا، ثم اللقلوق والعاقورة حتى 1997. وبعد سنة، اعتكف في «بطريركية الروم الكاثوليك». ومن «بيت السيّدة» عمل عام 2008 على إطلاق حزب علماني، مع شخصيات فكريّة وسياسيّة مختلفة. أول من أمس، انطفأ عن 91 عاماً بعدما كانت غرفته في السنوات الأخيرة مفتوحة أمام الجميع.
يصلّى على راحة نفسه في الثالثة من بعد ظهر الأحد في «كاتدرائية مار الياس للروم الكاثوليك» في وسط بيروت، على أن تفتح أبواب التعازي يومي الاثنين والثلاثاء في «مطرانية بيروت» (طريق الشام).