القاهرة | رغم إعلان مصر الحداد سبعة أيام على وفاة ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز، إلا أنّ ذلك لم يمنع المصريين من الانشغال بملك آخر هو توت عنخ آمون، أحد أشهر ملوك الفراعنة بعد ثبوت تشويه قناعه الذهبي في المتحف المصري في «ميدان التحرير».
أسبوع كامل من الشدّ والجذب بين اختصاصيين في حماية الآثار المصرية، ومسؤولين عن المتحف المصري بعد تسرب أخبار وصور تؤكد كسر «ذقن» القناع الذهبي للملك الفرعوني الشهير، وقيام المسؤولين عن الترميم بلصقها باستخدام مادة أدت إلى تشوه القناع بالكامل. الغاضبون مما حدث، اتهموا إدارة المتحف بالتغطية على الجريمة غير المسبوقة في سجلات الآثار المصرية التي وقعت في آب (أغسطس) الماضي. الآثار المصرية تتعرض دوماً للسرقة والتهريب، لكن قد تكون هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها قطعة أثرية بهذه الأهمية للكسر أولاً خلال التنظيف ثم الترميم بهذه الطريقة.
شنّت لميس الحديدي هجوماً
قوياً على المسؤولين عن تشويه قناع توت غنخ آمون

الذين كشفوا الواقعة أكدوا أن مدير المتحف محمود الحلوجي أصدر أوامر بخفض الإضاءة في الغرفة التي تحوي القناع حتى لا يلاحظ الزوار ما جرى، ومنع التصوير نهائياً في هذه المساحة.
اللافت أن تصريحات الحلوجي الأولى ركّزت لأيام متتالية على أن المواقع التي نشرت هذه الأخبار «إخوانية الهوى»، وتريد الإضرار بسمعة الآثار المصرية، وأن من يريد التأكد من عدم تعرض القناع لأي تشويه، عليه أن يذهب فوراً إلى المتحف المصري. النفي تصاعد بعد ذلك ليطاول مسؤولين أعلى رتبة من الحلوجي، وصولاً إلى وزير الآثار نفسه ممدوح الدماطي. لكن الأخير عاد وتراجع أول من أمس، معترفاً علانية بأنّ التمثال تعرض لخطأ مهني خلال الترميم، مشيراً إلى أنّه حوّل المسؤولين عن ذلك إلى التحقيق. وطمأن إلى أن القناع بخير، فيما يجري العمل على إنقاذ الذقن مما جرى.
وإذا كان لمواقع التواصل الاجتماعي الدور الرئيسي في الكشف عن هذا النوع من الأخطاء الذي لم يصدق كثيرون إمكانية حدوثه في البداية بسبب فداحته، إلا أنّ القنوات المصرية لم تغب عن الصورة رغم انشغالها بتبعات وفاة العاهل السعودي. توقف العديد من البرامج بسبب إعلان مصر الحداد على رحيل الملك السعودي، وكذلك متابعة أخبار الذكرى الرابعة لـ«ثورة يناير» التي تخللتها تطورات كثيرة. وسط كل هذا، رأت الإعلامية لميس الحديدي في برنامجها «هنا العاصمة» على قناة «سي. بي. سي» أول من أمس، أنّ من الأفضل نقل هذا التمثال وغيره من التماثيل النادرة إلى متحف «اللوفر» في باريس أو غيره من المتاحف العالمية.
مطالبة تهكمية لم تبتعد كثيراً عن واقع مؤلم يؤكد أنّ الآثار المصرية في خطر داهم بسبب فساد المسؤولين وجهل الموظفين بطبيعة أدوارهم. ملوك مصر الأوائل لا يجدون اليوم من يحمي بقاياهم الذهبية، إلى درجة أنّ الأمر يستحق أيضاً إعلان الحداد ولو بعد وفاة الملك بآلاف السنين.