يستعدّ شربل روحانا مع مجموعة من الموسيقيين لتقديم حفلتين يومي 26 و27 الحالي على خشبة «مسرح مونو». ستطبع هذه الأمسية بنكهة خاصة وجديدة، خصوصاً أنّ العمل الموسيقي جماعي، وضع فيه كلّ من الموسيقيين المشاركين شيئاً من نفسه ومن ابتكاره. لم يتخذ هذا العمل الموسيقي الغنائي عنواناً محدداً بعد، وهو يتألف من ثماني مقطوعات، لكل منها مناسبة خاصة، من تأليف شربل روحانا وتوزيع أعضاء الفرقة الموسيقية جميعها.
منذ انطلاقته، يتبع روحانا خطّين في مساره الفني. من جهة، هو عازف ماهر، ومن جهة أخرى عُرف مغنياً. تنطوي فكرة الحفلة التي يقيمها مع مجموعة من الموسيقيين على هذا المزيج تحديداً، على أن تأخذ الموسيقى الحيّز الأكبر في الحفلة. قبل مدّة، بدأ الإعداد لهذه الفرقة الجديدة المكوّنة من عازفين موهوبين، واتخذ المشروع تدريجياً شكله الحالي.
خلال إحدى رحلاته الأخيرة، تعرّف روحانا مصادفة إلى شعر ابن حمديس الصقلي الذي ولد وعاش في صقلية وتوفي سنة 1133. على الرغم من أن قصائد هذا الشاعر تعود إلى القرن الثاني عشر، فهي في الواقع ليست بعيدة المنال. لدى الاطلاع عليها، يبدو للمرء كأنها كُتبت اليوم، فلغتها مسهّلة، وهي شبيهة بالشعر الحديث. تتطرق إلى الحب والتهجير والاشتياق إلى الوطن، إذ إن الشاعر انتقل بين بلد وآخر مراراً خلال حياته. وعلى الرغم من وجود كل هذه المسافات الزمنية، فالإبداع والفن من شأنهما دائماً أن يزيلا تلك الفوارق والمسافات لكي تلاقي مشاعر المستمع أياً يكن وفي أي زمان عاش.
يتألف البرنامج من ثماني مقطوعات، لكل منها مناسبة خاصة

في حديث مع منتج المشروع غازي عبد الباقي، اعتبر الأخير أن تركيبة هذه الحفلة «عضوية». فالأمور لم تحدث بالقوة، ولم يجهد أحد من أجل التوصل الى هذه التركيبة تحديداً، بل إنّ الأمور تمّت بسلاسة وبساطة. من ناحية أخرى، تشكّل الموسيقى أساس المشروع. أما الأبيات الشعرية، فموضوعة في مكانها ووقتها اللازمين.
صحيح أن روحانا تولّى تلحين المقطوعات، إلا أن العمل الموسيقي النهائي كان جماعياً. اهتم كل من الموسيقيين بناحية معينة من التوزيع. فؤاد عفرا تولّى الايقاعات، في حين أن نضال أبو سمرا (كيبورد) وإيلي شمالي (باس) وتوم هورنيغ (ساكسوفون) توّلوا الشق الهارموني للقطع. والنتيجة قطع موسيقية ذات طابع جماعي. اللقاء بين روحانا وعبد الباقي، مهدّ الطريق لاتفاق مسبق على الاتجاه الذي سيتخذه هذا المشروع. اتجاه يركز على مهارات الموسيقيين، وعلى العمل الجماعي.
قد يكون الأمر من أصعب ما يكون. هناك خطر كبير ألا ينجح هذا النوع من الخلطات، خصوصاً إذا أتى كل من الموسيقيين من عالم معيّن، وأراد اتباع اتجاه مختلف عن الآخر. وفي حال نجح، يقول عبد الباقي، فسيكون أجمل ما يكون. الشرط الأساسي لإنجاح تجربة مماثلة هو وجود العنصر الانساني والتناغم بين الموسيقيين، وبالطبع المهارات الموسيقية التي يتمتع بها كل منهم.
وفي الوقت عينه، تكمن أهمية مشروع مماثل في تورّط كل من موسيقييه بشكل ملزم فيه. في حال غاب أحدهم، لا يمكن للمشروع أن يستمر ولا للحفلة أن تُقام. وهنا يبرز الدور الموسيقي الفردي لكل منهم وسط هذا العمل الجماعي، إذ إن كلاً منهم أضفى رونقاً خاصاً على هذه الحفلة وفق ما يقول عبد الباقي.
من ضمن الموسيقيين المشاركين في الحفلة كذلك، كيا طياسيان، عازف السيتار الإيراني الكندي. لن يكون اللقاء الاول بينه وبين روحانا، وسيغني بالفارسية خلال الأمسية ويقدّم مقطوعة من تأليفه وتوزيع الفرقة. وهنا أيضاً يثني عبد الباقي على المزيج الجميل الذي يجمع بين الآلات، وعلى الطريقة التي تتشابك فيها.
أمسية شربل روحانا والآخرون: 20:30 مساء 26 و27 كانون الأول (ديسمبر) ـــ «مسرح مونو» (الأشرفية) ـــ
تباع البطاقات في جميع فروع مكتبة «أنطوان» - 01/218078