اعتاد «مركز بيروت للفن» على دعوة مصممين لتقديم أعمالهم في موازاة المعارض الفنيّة ضمن سلسلة معارض BAC Design. وفي موازاة «عتبات ٢٠١٤»، يقدّم المركز اليوم مصممة الأزياء اللبنانيّة ميليا م (مارون) في معرض «الآن/ هنا».
درست ميليا مارون تصميم الأزياء في مدرسة «إس مود» العريقة في عالم الأزياء في باريس، وعادت إلى بيروت حيث عملت في تصميم اللانجري قبل إطلاق علامتها «ميليا إم» عام ٢٠٠٠. بعدها، افتتحت متجرها في «صيفي فيلاج» (٢٠٠٤)، وأخيراً متجراً جديداً في لندن. منذ إطلاق علامتها، اختارت ميليا مباشرة دخول عالم Prêt à Porter (الثياب الجاهزة) وتصميم أزياء في متناول فئة كبيرة من المجتمع بدلاً من الخوض في عالم الـ Haute Couture، الموجهة إلى طبقة اجتماعيّة محددة جداً. أمّا ما يميّز ميليا حتى اليوم، فهي أنّها من الأسماء النسائية اللبنانيّة القليلة (إلى جانب ريم عكرا) التي تعمل في عالم تصميم الأزياء، عالم يسيطر عليه مصممون رجال.
تتفكَّك اللوحة تدريجاً كلما أقدم زائر على شراء قميص انتزعه منها

أما في معرضها في «مركز بيروت للفن»، فقد اختارت أن تنطلق من مقولة الفيلسوف هرقليطس «كلّ شيء في سيلان دائم، لا شيء يبقى جامداً» لتقديم تجهيزين. الأول الذي يحمل عنوان Panta Rei يتألّف من ٩٦ قميصاً منقّطة بألوان عديدة، ومصفوفة جنباً إلى جنب لتؤلف معاً ــ وعبر النقاط الموزعة على كل قميص بتصميم مختلف ــ كلمة Nowhere (هنا الآن) من جهة، وكلمة Everywhere (أينما كان) من الجهة الأخرى. تلك القمصان معروضة للبيع. وكلما أقدم زائر على شراء قميص انتزعه من اللوحة العامّة، تُفكَّك اللوحة شيئاً فشيئاً، فتستحيل قراءة الكلمة، وتتحول من «هنا الآن» إلى «أينما كان». في التجهيز الثاني Common Thread، وضعت مارون عدداً من رقع القماش تؤلّف فستاناً على جسد مانيكان. وبالقرب من المانيكان، تقف سيدّة تعيد نسج شالات من الخيطان بعد أن تكرّها من رقع قماش الفستان. هكذا تختفي تلك الرقع، ويختفي معها الفستان، لتتألف الشالات بطريقة جديدة.
ما يميّز معرض «الآن/هنا» أنّ مارون بذلت مجهوداً لتحاكي عالم الفنون المعاصرة. في معظم الأحيان، كنا نشهد سابقاً معارض في BAC Design لا تتخطى عرض التصاميم أكانت الأزياء، أم المجوهرات أم الأثاث، لا بل كان بإمكان تقديمها في أيّ صالة عرض تجاريّة. إلا أنّه بالتجهيزين المقدمين في المعرض، تحاكي ميليا مارون مفاهيم مثل الحضور والتحول والغياب. ولا يغيب على أيّ متتبع للفنون المعاصرة، خصوصاً في لبنان أنّ تلك المفاهيم شغلت عدداً كبيراً من الفنانين اللبنانيين، أكان من الجيل الذي انطلق في التسعينيات مثل أعمال وليد صادق حول الغياب أو أعمال الثنائي خليل جريج وجوانا حاجي توما حول الغياب والتحوّل، وصولاً إلى العديد من الأعمال المعاصرة اليوم. كذلك، يندرج «هنا/ الآن» ضمن العنوان الذي اختارته مديرة «مركز بيروت للفنّ» ماري موراسيول لمعرض «عتبات ٢٠١٤» الموازي لمعرض مارون. إذ اختارت عنوان «قيد البنيان» كثيمة عامة للمعرض. عنوان ينطبق بسهولة على معرض «هنا/ الآن».
في النهاية، لا بدّ من الإشارة إلى أنّه في حديث مع «الأخبار» أعلمتنا مديرة المركز الجديدة موراسيول أنّ ميليا مارون سوف تكون آخر ضيف على «مركز بيروت للفنّ» ضمن سلسلة BAC Design، فالإدارة تجد أنه رغم أهميّة المعارض السابقة وما أضافته إلى المركز، إلّا أن الأخير يفضّل التركيز على تقديم المعارض الفنيّة. أمّا معارض التصميم، فبحاجة إلى إدارة وتوجّه مختلف لا نيّة للمركز في اعتماده.



«هنا/ الآن» لميليا مارون: حتى ٧ شباط (فبراير) ــ «مركز بيروت للفن» (جسر الواطي) ـــ للاستعلام: 01/397018