أربعون عاماً تفصلنا عن رحيل أم كلثوم (1898 ــ 1975). مناسبة يُذكرّنا بها من يحترم تراثها، ومُهمة مشرّفة تقع على أكتاف الشباب هذه المرّة. الموعد في مقهى «ة» (الحمرا ــ بيروت) عند التاسعة من مساء الليلة، مع حفلة تضمّ مقاطع عزفية ومقاطع غنائية من ريبرتوار «الست». غسّان سحّاب (قانون وإشراف موسيقي)، ونعيم الأسمر (عود وغناء)، وأحمد الخطيب (إيقاع)، وعماد حشيشو (تشيلو) سيحتلون المقهى، حيث سيقفل الباب في السابعة مساء ويُمنع تناول الطعام أثناء العرض في التفاتة تعني الاحترام والتقدير للمادة الفنية.
يقول غسان سحّاب ان برنامج الحفلة يتضمن غناء للآلات مجتمعة، حيث يتّم تظهير صوت أم كلثوم عبر الآلة المُدرّبة والمتمرسة لكلّ عازف. برنامج الأمسية يشتمل على اعادة إحياء مراحل مختلفة من غناء أم كلثوم التي نشأت في احضان بيئة كلاسيكية وانطلقت منها بمواظبة شديدة على الحفظ والتشبّع بالتراث. يتناول البرنامج قسمين (تبلغ مدة كل واحد ساعة واحدة): الأول يتضمن الأغاني الطويلة أي تلك التي تعاملت فيها المطربة مع ملحنين أمثال محمد القصبجي وبليغ حمدي والسنباطي وزكريا أحمد. أما القسم الثاني فيعرّج على الأغاني القصيرة نسبياً التي أدتها أم كلثوم، إلى أغاني الأفلام، والطقاطيق وغيرها.

يشير غسان سحاب
إلى أنّ الارتجال سيكون
سيد الأمسية
الغناء الفعلي سيقتصر على صوت نعيم الأسمر على عوده، بينما تتدبّر الآلات الباقية وعازفوها أكثر من طريقة ومدخل لتقديم الأغنية، سواء بالدخول فيها بعد المذهب والكوبليه الأول، أو من منتصفها، وفق المزاج تماماً كما كانت تفعل أم كلثوم في بداياتها وفي قمة «سلطنتها». هكذا تكون «غلبت أصالح» مثالاً على هذا النوع من الارتجال الذي يقدمه الشباب في عزفهم، أو «افرح يا قلبي»، فيما تأتي «يا ظالمني» أكثر مواءمة للسلطنة بالنسبة إلى العازفين. الارتجال ــ وفق سحّاب ــ هو سيّد الحفلة، بينما يثبت في الوقت نفسه التمرّس والضلوع التّام في مثل هذا التكريم. أمّا عن ميلهم واتجاههم نحو الموسيقى الكلاسيكية القديمة السابقة لأعمارهم، فيقول سحّاب: «إن لم نتعرّف على تراثنا الكلاسيكي وإن لم نعد إحياءه، فإنه سيموت. لن نستطيع أن نُكمل أو نبتدع جديداً إن لم نتعرّف إلى القديم».
وعن سبب اختيارهم لمثل هذا التكريم الصعب، يجيب سحّاب بأنّ سببه تميزهم عن الفرق الموجودة في السوق، «لأننا درسنا وأتقنّا المادة الكلاسيكية التي نعمل عليها». سحّاب نفسه يرى أن ميله الموسيقي كشاب يتوزّع أولاً على موسيقى تراثنا في القرن التاسع عشر والقرن العشرين، ومن جهة أخرى على الموسيقى الجديدة شرط أن تكون جيدة. كما يستمتع بالجاز وخاض الكثير من التجارب العزفية مع عازفين أجانب، لكنه لا يعاني أي حساسية تجاه أي موسيقى نظيفة بمعنى ما. يقول سحاب: «الريبرتوار الذي سيقدم في مناسبة الذكرى الأربعين على رحيل سيدة الغناء العربي هيأنا له بشكل جيّد كما أننا نحفظ كل ما غنته السيدة، وبالتالي يمكننا اللعب في هذا المجال قدر ما يريد الجمهور وأكثر».


إحياء الذكرى الـ 40 لرحيل أم كلثوم: 21:00 مساء اليوم ــ مقهى «ة» (الحمرا ــ بيروت). للاستعلام: 03/946528