بيار أبي صعب زارت بيروت أخيراً للمشاركة في تظاهرة «الكتّاب: مسّاحو المدن» التي نظمتها «جامعة القديس يوسف»، بإشراف الكاتب شريف مجدلاني. تمحور اللقاء مع صاحبة «الصبّار» حول القدس. لكن تناول المكان، من قبل أديبة فلسطينيّة تجرّ وراءها تاريخاً من المعارك السياسية والإبداعيّة... ليس مهمّة بسيطة. في نابلس شهدت الاحتلال الإسرائيلي بعد النكسة، ثم الاجتياح الدموي الذي أعقب انتفاضة الأقصى (موضوع روايتها «ربيع حار»، «الآداب» ـــــ 2005). وهنا ناضلت ميدانيّاً في إطار «مركز شؤون الأسرة»، وشهدت تصاعد الأصوليّات ملاذاً أخيراً للقهر على أشكاله. ومن نابلس مسرح معظم أعمالها، إلى القدس التي كرّست لها روايتها «صورة وأيقونة وعهد قديم» (الآداب» ـــــ 2002)، وصولاً إلى عمّان «سجن الفقراء»، حيث تقيم حاليّاً، تبدو مسيرة سحر خليفة حافلة بالمحطّات التي جعلت مسيرتها الروائيّة تأريخاً غير مباشر لرحلة المقاومة والحيرة و«الضياع»، في انتظار الصحوة التي تنتشلنا من الظلمات.
ترى الكاتبة التي كرّس لها ميشيل خليفي فيلماً لافتاً في الثمانينيات («الذاكرة الخصبة»)، أن تحرير الأرض يبقى ناقصاً بل غيرَ ممكنٍ، إذا لم تتحرّرِ المرأةُ من النمط الذكوريّ المتحكّم بجسدها ومشاعرها ووعيها وحريّتها الفرديّة. هذا الخطاب هو الحجر الأساس في عمارتها الأدبيّة. الكتابة عندها شكل من أشكال المواجهة، لذا تراها لا تملك ترف الحياد. ألم تصرّح لدى تسلّمها «جائزة نجيب محفوظ» في الجامعة الأميركيّة في القاهرة عام 2006 (عن «صورة وأيقونة...»)، أن الأدب «ليس نزهةً، بل جهدٌ وأجنحةٌ ومرايا، وعتابٌ دائم للذات، وسماءٌ ماطرة، وقذائفُ ومآذنُ في أرضٍ ما عرفَتْ إلا الدم».