لا شكّ في أنّ «الانتفاضة الثالثة» تختلف كثيراً عن سابقتَيْها لناحية الاهتمام والمواكبة الإعلامية. هذا ما يؤكده مراقبون في مجال الميديا، مشدّدين على أهمية الدور الذي تؤديه مواقع التواصل الاجتماعي في تسليط الضوء على الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، إضافة إلى توثيق عمليات الطعن وإلقاء الحجارة التي تستهدف مستوطنين وجنود صهاينة. ولعلّ أهم ما تُساهم فيه السوشال ميديا في هذا المجال هو تعزيز الحماسة في نفوس المقاومين في مختلف أرجاء فلسطين، فضلاً عن تأمين طريقة تواصل سريعة وفعّالة في آنٍ معاً.
قبل التطوّرات على الأرض انطلاقاً من القدس المحتلة، شهد العالم الافتراضي خلال الأيّام الماضية بداية «انتفاضة» بكل ما للكلمة من معنى. سيل هائل من الفيديوات والصور والأخبار العاجلة التي تبيّن حقيقة الأحداث. وجدت هذه المواد طريقها إلى فايسبوك وتويتر وإنستغرام ويوتيوب، وكلّها مقرونة بمجموعة واسعة من الهاشتاغات باللغتين العربية والإنكليزية. لائحة الهاشاغات طويلة طبعاً، لكن أبرزها بالإنكليزية #ThirdIntifada، وبالعربية: #الانتفاضة_الفسطينية_الثالثة، و#إعدام_طفل_فلسطيني، و#القدس_تنتفض، و#الانتفاضة_انطلقت. ومع تسارع الأحداث، صارت وسائل التواصل الإجتماعي على خط المواجهة مع المحتل، والتأثير في مجريات الأمور على الأرض. على سبيل المثال، تحوّل فايسبوك إلى دليل للمتظاهرين الفلسطينيين يرصدون من خلاله خريطة الاشتباكات، ويحصلون عبره على معلومات حول طرق الوقاية والأمان خلال المواجهات.
المخاوف من تأثير النشاط الفلسطيني الملحوظ على مواقع التواصل الاجتماعي بدت واضحة في تصريحات السياسيين والمراقبين الإسرائيليين. يوم الخميس الماضي، شن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هجوماً عنيفاً على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي الفلسطينية، وقال في مؤتمر صحافي إنّ «معركتنا الأساسية يجب أن تتركز ضد مواقع التواصل الاجتماعي التحريضية والإعلام الفلسطيني». ووصف نتنياهو ووزيرا حربه وأمنه الداخلي موشيه يعلون ويغآل أردان، هذه المواقع خصوصاً فايسبوك بـ «أهم مصادر التحريض التي تدفع الفلسطينيين للانخراط في عمليات الطعن بالسكاكين». في هذا السياق، كشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي السبت أنّ تعاوناً سيحصل بين «الشاباك» و«أمان» والشرطة لرصد ما ينشره الفلسطينيون على السوشال ميديا، بهدف «اتخاذ خطوات عملية ضدّهم». على خطٍ موازٍ، حذّرت محللة مواقع التواصل الاجتماعي في «معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي» أوريت بيرلوف في حديث إلى موقع «المونيتور» من مخاطر السوشال ميديا بالنسبة إلى الإسرائيليين. وأوضحت أنّ الحملات الافتراضية «تشجّع وتكثّف الغضب الفلسطيني في الشارع، ولن يتمكّن أي حزب من التحكّم بالأمر إلّا إذا فكّرنا بشكل مختلف».