strong>ليال حدادلا جديد في المؤتمرات والمنتديات الإعلامية التي تشهدها بيروت في الآونة الأخيرة: لا يزال المؤتمرون يبحثون في تعريف الموضوعية والحيادية والأخلاق المهنية، ويناقشون مراراً وتكراراً علاقة الإعلام بالسياسة، والسبل المثلى لفكّ هذا الارتباط من دون أي حلول واقعية. وفي هذا الإطار يندرج المؤتمر الذي عقده أمس «منتدى الفكر التقدمي» بالتعاون مع مؤسسة «فريدريش إيبرت» الألمانية، في فندق «بريستول» في بيروت بحضور وزير الإعلام طارق متري ووزير الأشغال العامة غازي العريضي. طبعاً، يستحقّ مؤتمر «الإعلام من منظار المسؤولية الوطنية»ّ التحية، إذ نجح في جمع إعلاميين من مختلف الاتجاهات والمشارب لمناقشة وضع الإعلام اللبناني. وقد تزامن ذلك مع موجة المصالحات التي تجتاح البلد إثر تأليف الحكومة. وبالتالي، مثّل اللقاء فرصة مناسبة للمقارنة بين الخطاب الإعلامي قبل الانتخابات النيابية واليوم.
هكذا أطلّ المدير العام لتلفزيون «المنار» عبد الله قصير مع الإعلامية في قناة «العربية» جيزيل خوري ورئيس تحرير جريدة «الأنوار» رفيق خوري في جلسة بعنوان «الأخلاقيات الإعلامية وتطبيقها في الإعلام اللبناني». «ليس بالأخلاق وحدها يحيا الإعلام» قال رفيق خوري، في إشارة إلى حجم التأثيرات الأخرى التي تسيّر عمل كل وسيلة إعلامية، منها الإعلانات والضغوط السياسية والأمنية... ورأى أنّ أفضل مثال لغياب أخلاقيات المهنة هو ما يجري بين مصر والجزائر اليوم، «لا وجود لمشكلة حقيقية بين البلدين، بل مشكلة داخل مصر، وهي الفقر والتوريث السياسي... ولإلهاء الشعب عنها يجري توجيه الغضب نحو شعب آخر، والأمر نفسه ينطبق على الوضع الجزائري». المثل نفسه استعان به عبد الله قصير للدلالة على دور الإعلام في خوض مختلف أنواع الحروب، وأهميته في تكوين الرأي العام. وعاد إلى التغطية الأميركية لعدوان غزة، إذ لم تحظَ الأحداث في الأراضي الفلسطينية سوى بنسبة 2 في المئة من التغطية الأميركية العامة، مقابل 4 في المئة لخبر وفاة الممثل هيث ليدجير. من جهتها، فضّلت جيزيل خوري، إعطاء أمثلة حيّة عن افتقاد الإعلام اللبناني قواعد أخلاقية موحّدة، فذكّرت بمقدمات نشرات الأخبار قبل إقرار قانون الانتخابات عام 2005. ولم تنسَ، كما هي العادة، العودة إلى معاناة الصحافيين أيام «الوصاية السورية»!
وإن كانت هذه الجلسة قد تطرّقت إلى بعض الأمثلة العملية، فإن جلسة «الإعلام والسياسة: إشكالية العلاقة» بدت باهتة، وغرقت في النظريات المكرورة والمستهلكة. هنا أكّد الصحافي في جريدة «النهار» نبيل بو منصف، أنْ لا مشكلة في اتخاذ الإعلامي موقفاً سياسياً، شرط أن يظلّ «يرى في عينيه الاثنتين». فيما دعت وردة الزامل، من «صوت لبنان»، إلى رسم حدود بين السياسة والإعلام.


جدل يتيمولعلّ هذه هي المداخلة الوحيدة التي أثارت جدلاً حقيقياً في المؤتمر. الزامل أكّدت أنها عندما تنتقد تسيّس الإعلاميين فهي تبدأ من نفسها، مذكّرةً بمقاطعة جهة سياسية لها بعد عدوان تموز. أما بو منصف فقال إنّه لن يدافع عن «النهار» لأن الرأي العام كفيل بالدفاع عنها